منذ سنوات ويشهد العالم تكنولوجيا كبيرة للغاية في ظل ما توصل إليه العلم، ومؤخرًا، ومن بعد استخدام الجماعات الإرهابية لمواقع السوشيال ميديا بهدف الانتشار، تطور استخدام الإرهابيين للتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، بعدما شهد العقد الماضي نقلة نوعية في الاهتمام بالذكاء الاصطناعي والتقنيات التي أتاحت محاكاة الذكاء البشري بواسطة الآلات.
وتستخدم جماعات إرهابية مثل جماعة الإخوان والقاعدة، أسهم التطور السريع في القدرات التكنولوجية، وتطور الخوارزميات، وانتشار البيانات الضخمة واتساع البعد التجاري والاستثماري لهذه التقنيات، مع تطور الذكاء الاصطناعي وزيادة الاهتمام العالمي به، بالرغم من أن الذكاء الاصطناعي يقدم إيجابيات كثيرة في مختلف مجالات الحياة ولاسيما في مواجهة التطرف والإرهاب، فإن المخاوف تزداد بشأن استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تحفيز ظواهر التطرف والعنف في العالم.
وتتوالى التحذيرات العالمية من أن يصبح وسيلة لنشر الإرهاب باستغلال الجماعات المتطرفة للتقنيات التكنولوجية الحديثة، لتنفيذ هجمات عابرة للحدود وتكثيف الهجمات الإلكترونية على البنية التحتية والمنشآت الحيوية في دول العالم، ما يسهل عملية انتشار التطرف بشكل أوسع وأسرع وتجنيد عناصر لصفوف هذه الجماعات من مناطق يصعب الوصول لها.
ومع تصاعد خطر الهجمات الإرهابية الإسلاموية في العالم وبشكل خاص في أوروبا إذ بلغ معدلات أعلى بكثير مقارنة بالسنوات السابقة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى حرب غزة، بحسب تقديرات هيئة الاستخبارات الداخلية، والتي تنبع المخاوف من تمكن الجماعات المتطرفة مثل داعش والإخوان في السنوات الثلاث الماضية، من استخدام التكنولوجيا في التواصل بين أعضائها ونشر محتوى متطرف، بهدف إثارة الذعر بين مستخدمي هذه التطبيقات واستقطاب عناصر لصفوفها عبر التطبيقات باستغلال خوادم ومحركات الإنترنت وبعض التطبيقات المشفرة.
ومؤخرًا تم الكشف عن استخدام الجماعات المتطرفة لبعض التطبيقات الكبرى في نشر الإرهاب وزيادة حدة التطرف عالمياً، بداية من استغلال تطبيقات إلكترونية مثل سبوتي فاي Spotify وساوند كلاود SoundCloud، حيث تستغل الجماعات المتطرفة هذه المنصات وخوارزمياتها، إضافة إلى تقنيات تغيير الرموز التعبيرية والميمات وردود الفعل على التطبيقات الإلكترونية لنشر أفكارها بصورة أوسع بين مستخدمي المنصات.
وقد دفعت المخاوف من تحول الذكاء الاصطناعي أداة في يد التنظيمات المتطرفة، إلى انتباه المسؤولين الأوروبيين لإدراج الأمر ضمن مباحثاتهم، وفي أبريل 2021 اقترحت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون المنافسة والمسؤولة عن أوروبا ملائمة للعصر الرقمي "مارجريت فيستاجر" إنشاء قواعد محددة لتنظيم العمل بالذكاء الاصطناعي في الحياة، خاصة بعد استخدامه للتعرف على الوجوه والإشارات السلوكية والحيوية ومراقبة الشركات موظفيها.
ويقول الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية سامح عيد: إن الإخوان في بداية الألفية الجديدة قاموا باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي بهدف الانتشار ولديهم قواعد كبرى ولجان خاصة هدفها نشر الأفكار المتطرفة في المواقع واستقطاب ضعاف النفس عبر تلك المواقع، وهم ليدهم قواعد لديها ذكاء استراتيجي في كيفية استخدام التكنولوجيا، كما أن لديهم ذباب إليكتروني قائم علي الذكاء الاصطناعي الذي ينشر أفكارًا مسمومة بين الشباب.
وأضاف عيد أن العالم بدأ في تشديد الرقابة على الوسائل التقليدية التي تعتمد عليها في جمع الأموال ونشر الدعاية وتجنيد عناصر جديدة لصفوفها، ولكنها تتجه إلى التقنيات التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي، لاسيما وأن هذه التقنية تتيح فبركة المحتوى وتحويل النصوص لصورة بصرية وتغيير أكواد البرمجة، ما يسهل نشر أفكارها وأنشطتها المتطرفة.
قال الدكتور مصطفى ثابت، أستاذ الذكاء الاصطناعي في جامعة الفيوم بمصر، إن الذكاء الاصطناعي لديه إيجابيات كثيرة في مختلف مجالات الحياة، فالذكاء الاصطناعي قد يسهم في حل المشكلات التقليدية التي تواجهها ثلاثية التنمية التعليم والصحة والاقتصاد، ولاسيما في الدول النامية، ولكن في نفس الوقت يستخدمه الإرهاب بشكل كبير كأداة لهم، بداية من استخدام الجماعات الإرهابية للدارك ويب وصولاً لاختراق ونشر اشاعات بهدف ضرب البلاد.
وأضاف ثابت إن مثلما أصبح الذكاء الاصطناعي حجر زاوية في مستقبل المواجهة الأمنية ضد الإرهاب، فهو في المقابل أداة محايدة تتحدد تأثيراتها وفقًا لطبيعة استخدامها والطرف المستفيد منها. ومن الممكن توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل سلبي مثلما يوظف بشكل إيجابي، فالذكاء الاصطناعي مجرد أداة يمكن تطويعها وتوظيفها لمصلحة إنفاذ القانون أو انتهاكه، ولتحقيق الصالح العام أو الإضرار به.