يظل تمركز التنظيم الدولي للإخوان في أوروبا علامة استفهام أمام كثيرين، في ظل خطاب الجماعة، وشعاراتها المناهضة للصليبيين، كما يحلو لها أن تصف الغرب، وكذلك أجواء الحريات الاجتماعية، التي لا تبدو متسقة مع منهاج التنظيم، وأيديولوجيته الدينية.
عمل الإخوان - منذ هجرتهم إلى أوروبا - على خلق تجمعات معزولة نسبيًا، باستغلال عوز المهاجرين وفقرهم واحتياجاتهم الدينية، في مجتمعات غريبة، فتم ربط المجموعات المسلمة بالمسجد الذي يسيطر عليه الإخوان، ومن خلاله يتم تقديم الخدمات، والقروض الحسنة، وتوفير فرص العمل، ما سمح للأيديولوجيا الإخوانية بالتمدد، في ظل قوانين تسمح بإشهار الجمعيات والمراكز الخيرية بسهولة.
وكشفت تقارير إعلامية: لم تنقطع العلاقة بين التنظيمات الإسلامية الإخوانية والوطن الأم في المشرق الإسلامي، وارتبطت بالمسارات السياسية والاقتصادية التابعة لها، حيث أصبح التنظيم في أوروبا هو نافذة الجماعة، ما منحها القدرة على البقاء، في ظل أعنف الضربات الأمنية، حيث أصبحت لندن في النهاية مركز ثقل التنظيم ككل، ومقر القائم بأعمال المرشد.
من جهتها، نشرت وحدة الإرهاب والصراعات المسلحة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة أعدتها الدكتورة إسراء علي، أبرزت فيها العوامل التي أثرت على علمية انتشار المدارس الإخوانية في أوروبا، وهي بحسب الدراسة: "النظام السياسي، دستور الدولة، قوانين النظم التعليمية، العلاقة بين الكنيسة والدولة، سياسات الاندماج وحقوق الأقليات"، ما يفسر التباين في عدد ونوعية تلك المدارس، بين دولة أوروبية وأخرى، فإسبانيا مثلًا تسمح بالتعليم الديني.
وفي هولندا، تتمتع مدارس الإخوان بالدعم المالي الحكومي، وفق شروط موضوعية، أهمها تحقيق نجاحات أكاديمية، وتتمتع بحرية كبيرة في وضع مناهجها الدينية، وتعيين المدرسين، ويختلف الأمر نسبيًا في بريطانيا التي تضم أكبر عدد من المدارس الإخوانية في أوروبا، ذلك أنّ الحصول على دعم الدولة يتطلب شروطًا صعبة، ما دفع الجماعة إلى الحصول على دعم خارجي من دول داعمة للتنظيم، ما عالج الفجوة وساهم في زيادة مطردة لأعداد هذه المدارس.
قال أحمد سلطان، الخبير المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية: إن المدارس الإسلامية أبرز بؤر الهيمنة الإخوانية على الجاليات الإسلامية في الغرب؛ حيث عمدت الجماعة إلى إنشاء مدارس للتعليم الموازي، تحوّلت إلى بؤر لنشر خطاب التطرف والكراهية، وعزل المسلمين عن المجتمعات التي يعيشون بها، من خلال تنمية الشعور بالعزلة، وتكريس الإحساس بالاغتراب، كما ساعدت المؤسسات التعليمية على ضخ أموال من الخارج للتنظيم، تحت غطاء التعليم وإنشاء المدارس.
وأضاف - في تصريح لـ"العرب مباشر" - : أن مدارس الإخوان في أوروبا، تعمل على جناحين؛ جناح مباشر يشرف عليه رجال أعمال إخوان، وآخر بمثابة مظلات، في صورة جمعية أهلية، أو رافد داخل جالية من الجاليات، حيث تفاقمت هذه الظاهرة لدرجة أنّ هناك بلدانًا أوروبية مثل؛ هولندا وألمانيا، أصبح بها عشرات المدارس الإخوانية التي سارت على خطى مدارس التبشير المسيحية، فيما مضى، بمعنى أنّها فكرة ليست أصيلة في الوجدان العربي والإسلامي.
ولفت إلى أنّ الجماعة استنبطت الفكرة من المدارس اليهودية في "إسرائيل"، التابعة للجماعات الدينية الأصولية اليهودية، والتي تركت الخلافات بين الأحزاب، وركّزت على طلب المساعدات والمنح، وهو الأمر نفسه الذي اتبعته المدارس الإخوانية في أوروبا.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق