منذ وصول عناصر الإخوان المسلمين إلى ألمانيا، منتصف القرن الماضي، اعتمدت استراتيجيتهم على تأسيس مجتمعات إسلامية منفصلة، مع اتّباع منهاجية الأسلمة البطيئة، لمنح تلك المجتمعات القدرة على التمدّد، حيث طرح الإخوان أنفسهم كجماعة تدعو إلى التعايش والتسامح، مع الشروع في الانتشار، باستغلال القوانين التي تدعم الحريات الدينية وممارسة الشعائر.
ويعد المجلس الإسلامي في ألمانيا، هو الذراع الإخواني الأكثر قوة وقدرة على التأثير، ليس بوصفه أحد أقدم المراكز الإسلامية في ألمانيا فحسب، وإنّما لقدرته على التنسيق بين فروع التنظيم الدولي المتعددة، وإدارة شبكة المصالح الإخوانية في ألمانيا، من خلال الأذرع الدينية، والتي تمثلها لجنة الفتوى التي يديرها خالد حنفي، القيادي في التنظيم الدولي.
يقول الباحث في الحركات الإسلامية، عمرو عبد المنعم، إنّ "جماعة الإخوان، استغلت المساجد والمراكز الإسلامية في ألمانيا، لجذب الشباب ونشر التطرف بين المسلمين، لخلق جيل إسلامي يظلّ مدفوعاً بتوجهات التنظيم السياسية"، مؤكداً أنّ "الدول الأوروبية تركت لهؤلاء الحبل على الغارب، في محاولة للتعرف على الدوافع الدينية لدى الأقليات العرقية وكيفية استغلالها، من خلال توظيف هذه الجماعات الهامشية في الساحة العربية والإسلامية، لتحقيق أهداف سياسية".
في ظل الأنشطة الاجتماعية التي يقوم بها التنظيم، وكذلك المساعدات التي يقدمها للاجئين، حذّرت عدة تقارير أمنية، من ظهور نزعة انفصالية تتعارض وقيم النظام الديموقراطي الحر، وقد لوحظ أنّ الإخوان نجحوا في تكوين نظام اجتماعي وسياسي خاص، من خلال سياسة ملء الفراغ والتركيز على الخدمات الدينية والاجتماعية، وبالتالي الهيمنة على أغلبية المسلمين في المجتمعات التي ينشط فيها التنظيم الدولي.
ويؤكد تقرير أمني للمركز الأوروبي، نقلاً عن منظمة كلاريون بروجيكت، أنّه مع مطلع كانون الأول (ديسمبر) العام 2017، أصبح هناك "نحو 2700 جمعية في جميع أنحاء ألمانيا، تضم 40 ألف عضو في منظمة واحدة، من ضمن منظمات الإخوان في ألمانيا".
هيئة حماية الدستور الألمانية، المعروفة بـالاستخبارات الداخلية، بدأت تلاحظ بقلق بالغ، تزايد نفوذ جماعة الإخوان داخل ولاية سكسونيا شرقي ألمانيا، وكيف أنّها باتت تسيطر على المنظمات والجمعيات الثقافية، وعدد كبير من دور العبادة الخاصة بالمسلمين، الذين قدموا إلى سكسونيا كلاجئين، لنشر نفوذهم الفكري والأيديولوجي، وتعميم تصورات الجماعة عن الإسلام السياسي، وقد أصبحت ألمانيا تمثل الملاذ الآمن والحاضنة الأوروبية لفكر الإخوان، ما ساعد التنظيم الدولي على تكوين شبكة علاقات من جنسيات مختلفة .