تراهن جماعة الإخوان المسلمين على الوقت وعلى استمرار الحرب من أجل الضغط على الشعب السوداني المشرد في الآفاق داخليًا وخارجيًا وإجبار الدول المجاورة الأكثر تضررًا من الحرب وبقية دول العالم على الموافقة على مشاركتها في المفاوضات والتسويات السياسية المترتبة عليها ممّا يتيح لها العودة مجددًا إلى العمل السياسي المحظورة عنه لـ (10) أعوام .
تحاول تيارات الإسلام السياسي داخل البلاد وفي مقدمتها جماعة الإخوان توظيف المشهد الراهن بكل ما يحمله من "مصائب"، لتنفيذ أجندتها الخاصة .
ورفضَ الجيش السوداني مُمثلاً في مُساعد قائده المُثير للجدل الفريق ياسر العطا دعوة مجلس الأمن الدولي طرفي الحرب في السودان وقف العدائيات في شهر رمضان، فيما استجابت قوات الدعم السريع وأيدت دول عديدة وكبيرة في المنطقة مثل المملكة العربية السعودية القرار، ودعت الأطراف إلى الالتزام به تخفيفًا لمعاناة ملايين المدنيين المتضررين من القتال، وتوطئة للعودة إلى طاولة المفاوضات.
ويتساءل كثيرون عن خلفيات الرفض المتكرر لقيادة الجيش السوداني لدعوات إيقاف الحرب من خلال التفاوض، رغم موقفه الميداني المُتأخر عن خصمه، وخسارته ولايات كاملة: (4) منها في إقليم دارفور (غرب)، وأجزاء واسعة من ولاية الخرطوم (شمال شرق)، وكامل ولاية الجزيرة الغنية بالموارد الزراعية وذات الموقع الاستراتيجي في الوسط الشرقي للبلاد.
مراقبون يرون في موقف قيادة الجيش السوداني تعبيرًا عن الخط السياسي والفكري وعن أجندات جماعة الإخوان (الجبهة الإسلامية) التي سكّنت كوادرها السياسية في مناصب عسكرية وأمنية متقدمة منذ انقلابها على حكومة الصادق المهدي المنتخبة في (يونيو) 1989، ضمن ما سمّتها وقتها بسياسة التمكين التي طالت، بجانب المؤسسات الأمنية والعسكرية، الخدمة المدنية والمؤسسات التعليمية، فقد أزاحت حكومة الإخوان وشردت وفصلت عشرات آلاف الضباط الأكفاء والمهندسين والأطباء والإداريين وأساتذة الجامعات، وحولت جميع الوظائف العامة إلى خلايا حزبية تابعة لها.
يقول الكاتب الصحفي السوداني محمد الطيب: استغلال قوى الإسلام السياسي للصراع المحتدم داخل الدولة، لتنفيذ مصالح خاصة بالتنظيم في مقدمتها العودة للسلطة، لافتًا: وتحاول قوى الإسلام السياسي في الوقت الراهن سكب المزيد من البنزين على النيران المشتعلة بين الجيش وقوات الدعم السريع، لتمديد عمر الصراع إلى أقصى درجة، ونسف أي سبل للتفاهمات السياسية من شأنها أن تعيق مخططات التنظيم.
وأضاف أن الإخوان يحاولون تأجيج الصراع وتفكيك المؤسسة العسكرية بإحداث انقسامات جذرية داخل الجيش، موضحًا أن تيارات الإسلام السياسي تحاول في الوقت الراهن تحويل الصراع بين قوتين، إلى صراع أيديولوجي عميق، وهو ما يعقد أزمة السودان.