تحاول جماعة الإخوان المسلمين في السودان من خلال توظيف حالة الصراع الراهن الاستيلاء على الحكم مجدداً بتنفيذ انقلاب جديد على السلطة الحالية ممثلة في المجلس السيادي بعد أعوام من الإقصاء السياسي والنبذ الشعبي منذ سقوط نظام عمر البشير في عام 2019 وما تبعه من ملاحقة أمنية ومحاكمات قضائية لعناصر التنظيم المدانين بقضايا إرهاب وفساد .
وفى هذا الشأن رصد مراقبون تحركات جماعة الإخوان في الوقت الراهن لتنفيذ انقلاب ناعم على السلطة الحالية والتسلل إلى السلطة مجدداً في ضوء حالة التصعيد المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع .
ويرى محللون أن الإخوان يسعون للانقلاب على السلطة الحالية ممثلة في المجلس السيادي ولكن بشكل يختلف عن الانقلاب الذي قام به في عام 1989 فقد اقتصر دورهم على إشعال فتيل الحرب وتهيئة أجواء استمرارها نظراً لأنّهم غالباً ما يعملون من خلال لافتة تضم كلّ التيارات والتنظيمات الإسلاموية للاستفادة من زخم وجودها وحتى يعطيها ذلك قوة لتحقيق الجماعة مشروعها للوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها وإعادة إنتاج نفسها مرة ثانية فى المشهد السياسي السوداني .
وأضافت التحليلات أن نشأة جماعة الإخوان الإرهابية في السودان ظلت مرتبطة بالسلطة حتى تحينوا الفرصة للانقضاض عليها من خلال القوة العسكرية فالإخوان قاموا بأول انقلاب عسكري في المنطقة وظلوا متمسكين بالسلطة طوال ثلاثة عقود.
وقد كانت البداية الحركية والفكرية الحقيقية لتنظيم الإخوان المسلمين بالسودان في أول الخمسينات من القرن الماضي حين انضم إليه عدد كبير من السودانيين وما هي إلا ثلاثة عقود حتى نجح التنظيم في الوصول إلى رأس السلطة بانقلاب عسكري في عام 1989 .
وقد عمل التنظيم على نسج خيوطه حول الدولة السودانية بجميع مؤسساتها بعد أن نجح في إنشاء ميثاق للعمل الإسلامي ثم الحركة الإسلامية وكان التنظيم يميل في هذه الفترة إلى اعتبار نفسه تياراً عامّاً وليس تنظيماً مُؤطراً وبالتالي غاب المفهوم الاعتباري للبناء الهيكلي الذي عرف عن التنظيم في مصر أو أفرعه في باقي الدول الأخرى .
بعدها أسس حسن الترابي في عام 1991 ما سمي بحزب المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي وقد ضم قرابة 45 دولة عربية وإسلامية وتم انتخابه أميناً عامّاً لهذا المؤتمر فهو يعتبر نفسه منظّراً للحركة الإسلامية ليس فقط داخل السودان ولكن خارج السودان أيضاً .
وفي آخر محطاتها قامت جماعة الإخوان في السودان في أبريل 2022 بتغيير جلدها للمرة الرابعة حيث أطلقت ثمان تنظيمات إخوانية سودانية وتياراً جديداً أطلقت عليه التيار الإسلامي العريض ضم عناصر فاعلة في المؤتمر الوطني المحلول الذي يعد الجناح السياسي للإخوان وأسقطته الاحتجاجات في أبريل 2019 بعد أن وصل إلى السلطة في عام 1989 عبر انقلاب نفذته الجبهة الإسلامية القومية التي تغير اسمها لاحقاً إلى المؤتمر الوطني .
ويمكن اختصار تجربة الإخوان إمّا في الوصول إلى السلطة عن طريق قوة السلاح وإما الانقلاب عليها ، كما يسعى الإخوان الآن من خلال تعبئة الأجواء وشحنها والقتال مع طرف دون الآخر أو من خلال حرب الإبادة والتطهير العرقي مثل تلك التي قام بها في إقليم دارفور .