منذ الإعلان عن مبادرة "أهل السودان" للتوافق الوطني وحالة من الجدل تعم الشارع السودانى إلا أن الهجوم كان من نصيب القرارات الخاصة بجماعة الإخوان التي اعتبرها سياسيون ومراقبون سودانيون أنها تمهد طريق العودة أمام التنظيم .
والمبادرة أعلن عنها مؤخرا القيادي الصوفي الطيب الجد وتباينت ردود الأفعال بين المواطنين السودانيين وأحاطت شبهات بالمبادرة بسبب وقوف تنظيم الإخوان خلف قراراتها حيث رفض العديد من القوى التوصيات الناتجة عنها الأمر الذي جعلها أبعد ما يكون عن طريق لم الشمل أو تحقيق توافق سياسي في البلاد .
ووفقا لوكالة الأنباء السودانية فأن حزمة التوصيات الخاصة بالمبادرة كان أبرزها تشكيل حكومة مدنية لإدارة شؤون البلاد على مدار 18 شهراً والتأكيد على صلاحيات القوات المسلحة وتصويب مهام البعثة الأممية ووقف مناقشتها الخاصة بالوضع السياسي الداخلي والعودة إلى دستور عام 2005 وتبني مؤتمر الحقيقة والمصالحة والتأكيد على إنفاذ اتفاقية سلام جوبا والعمل على استكمال السلام مع الحركات المسلحة خارج الاتفاقية واستمرار تعليق مسار شرق السودان حتى توافق كل الأطراف والتحضير لقيام منبر خاص لقضايا الشرق والعمل على إكمال السلام في دارفور وجنوب كردفان .
ويرى مراقبون أن التوصيات التي صدرت عن المبادرة قد تجاهلت القضايا الجوهرية في السودان وعكست مجموعة من الرسائل حول القوى التي تدير الحوار بشكل فعلي في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين ، ولعل أبرز هذه التوصيات التي أثارت جدلاً هي إنهاء عمل "لجنة تفكيك فساد الإخوان بالسودان"، وقرار إعادة أموال وأصول وأراض تقدر قيمتها بمليارات الدولارات نهبتها عناصر من المؤتمر الوطني وهو الجناح السياسي لتنظيم الإخوان خلال فترة حكمهم قبل أن تستردها اللجنة الوطنية التي كلفت باستردادها في أعقاب ثورة يناير التي أطاحت بنظامهم في أبريل عام 2019 .
وفي حين شاركت أحزاب وقوى سياسية وشعبية سودانية في الجلسات الأولى للحوار الوطني التي عقدت يومي السبت والأحد مطلع الأسبوع الماضي لا تزال بعض قوى الحرية والتغيير التي تقود حالة الحراك في الشارع إلى جانب قوى سياسية أخرى تقاطع المبادرة .
فيما يصفها مراقبون بأنها محاولة للالتفاف على الأمر الواقع وإعادة تدوير لنظام جماعة الإخوان المسلمين في البلاد عبر قوى تحظى بمكانة واحترام لدى الشارع في مقدمتها التيار الصوفي على الرغم من تعطش الشارع السياسي السوداني لحالة توافق حقيقي لإنهاء الفراغ السياسي الذي تعيشه البلاد منذ نحو (10) أشهر أعقبت إعلان القائد العام للجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان لحزمة قرارات في 25 أكتوبر الماضي أنهت الشراكة بين المكونين المدني والعسكري وجمدت بنود وثيقة المبادئ الدستورية المُعلن عنها في السودان منذ 2019 .
وخلال الفترة الماضية هاجمت مجموعة إخوانية مقر نقابة المحامين السودانيين بوسط الخرطوم أثناء انعقاد اليوم الختامي لمنتدى قانوني أقيم لمناقشة إعلان دستوري مرتقب لإدارة الفترة الانتقالية وفوجئ المشاركون في المنتدى بتجمع مجموعة الإخوان أمام مقر النقابة وكان بعضهم يحمل العصي والأسلحة البيضاء ويهددون المشاركين .
وشهد المنتدى تجاوبا دوليا ومحليا كبيرا حيث شارك في جلسته الأولى سفراء ودبلوماسيون من الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي وعدد من البلدان العربية والإفريقية ، إضافة إلى المبعوث الخاص للأمين العام المتحدة فولكر بيرتس وناقش المنتدى السبل الكفيلة بالخروج بإعلان دستوري يطرح على قوى الشارع من أجل إحداث أكبر قدر من التوافق .
كما تجددت المطالب بشكل واسع في السودان بتصنيف تنظيم الإخوان كجماعة إرهابية بعد هجوم عنيف نفذته مجموعة منهم على دار نقابة المحامين بالخرطوم أثناء انعقاد ورشة لمناقشة إطار دستوري للمرحلة الانتقالية وأثار الهجوم مخاوف محلية ودولية كبيرة وأعاد للأذهان سجل التنظيم الطويل في دعم الإرهاب وتورطه في أعمال دموية سقط بسببها آلاف الضحايا داخل وخارج السودان خلال الأعوام الثلاثين التي حكموا فيها البلاد مما أدى لوضع السودان في قائمة البلدان الراعية للإرهاب لنحو 27 عاما تكبد اقتصاد البلاد خلالها خسائر قدرت بـ700 مليار دولار قبل أن يرفع اسم البلاد من القائمة بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بنظامهم في أبريل 2019 .
ونبهت حادثة الاعتداء على دار المحامين إلى خطورة مسلك التنظيم وإمكانية تهديده لاستقرار السودان ، وفيما عبر العديد من السودانيين عن غضبهم الشديد حيال استمرار السلوك الإرهابي للتنظيم استنكرت دول الترويكا "النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية مسلك المجموعة التي نفذت الاعتداء واعتبرت أنها تقف ضد التحول المدني السلمي .
ويرى باحثون في شؤون الجماعات المتطرفة أنه رغم الإطاحة بحكم جماعة الإخوان في السودان منذ سنوات تبقي الجماعة تمارس نشاطها بكل حرية كبيرة جدا وأن جماعة الإخوان تملك شبكة كبيرة في السودان تكون بين قطاعات الدولة المختلفة وتستخدم تلك الشبكات من أجل تمهيدا العودة في المستقبل .
وأضاف الباحثون أن حظر الجماعة يكون أمرا بعيد التحقيق بسبب أن جماعة تملك قوى حقيقية داخل السودان حيث تطالب مجموعة من النقابات بحظر الجماعة ولكن الجماعة تحاول العودة إلى المشهد السياسي من جديد مستغلة سيطرتها على عقول ملايين السودانيين محاولة التلاعب بهم لتحقيق أهدافها واستعادة سيطرتها على السودان .
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق