نشأة الإخوان في السودان ظلت مرتبطة بالسلطة حتى تحينوا الفرصة للانقضاض عليها من خلال القوة العسكرية فالإخوان قاموا بأول انقلاب عسكري في المنطقة وظلوا متمسكين بالسلطة طوال ثلاثة عقود.
وانقلب الإخوان على السلطة السياسية بالقوة وشكلوا قوة مدنية مسلحة هدفها إخضاع السودان بقوة السلاح والدبابة وخططوا لانقلاب عسكري أوصلهم للسلطة وحتى بعد نجاح الانقلاب ظلوا مسيطرين بالحديد والنار غير أن الحركة الإسلامية التي وصلت بالقوة سقطت في ثورة شعبية سلمية في 19 ديسمبر من عام 2019 .
وكانت خطة الحركة الإسلامية في السودان بعد استيلائها العسكري على السلطة أن تخرج انقلابها بواجهة وطنية لا إسلامية ثم تتدرج خلال ثلاثة أعوام من مرحلة التأمين إلى مرحلة التمكين التي تذوب فيها الحركة في الدولة وتكشف عن وجهها المتطرف سافرا بما في ذلك تسليم العسكريين السلطة للمدنيين وتقلد حسن الترابي منصب رئاسة الدولة .
وهذه الصورة هي في حد ذاتها انقلاب على إرادة السودانيين فتسليم السلطة لمرجعية دينية سبق وخططت للانقلاب لا يَعني أنه تم تسليمها لمدنيين ولا أن الجيش تنازل عنها وبرغم ذلك لم يتحقق هذا السيناريو بل قام الرئيس عمر البشير بإيداع حسن الترابي السجن .
مشروع الإخوان في السودان لم يكن مبنيًا على خلق تجربة ديمقراطية ولا حتى ترميم الحالة السياسية في ذلك الوقت ولكنه كان مبنيًا على فكرة الاستيلاء على السلطة ثم الانتقال إلى مرحلة التمكين من هذه السلطة وعدم التفريط فيها وكانت تتم هذه الممارسة باسم الحركة الإسلامية بما يدل على مفهوم الدولة الضيق لهذه الحركة وعدم إيمانها بالديمقراطية.
وهنا تجربة الإخوان لم تخل من العنف سواء قبل الانقلاب أو حتى الانقلاب فالحرب الأهلية والانتهاكات التي مورست في دارفور يتحملها التنظيم والنظام السياسي والحركة الإسلامية التي انحازت إلى استخدام القوة حتى ضد السودانيين أنفسهم ، فقد مارست الحكومة المحسوبة على الحركة الإسلامية حرب التطهير العرقي وحرب الإبادة من خلال دعمها لمليشيات الجنجويد ضد بعض الإثنيات من سكان إقليم درافور .
ويمكن اختصار تجربة الإخوان إما في الوصول للسلطة عن طريق قوة السلاح أو الانقلاب عليها كما يسعى الإخوان الآن من خلال تعبئة الأجواء وشحنها والقتال مع طرف دون الآخر أو من خلال حرب الإبادة والتطهير العرقي التي قام بها في إقليم دارفور.
الإخوان يسعون إلى الانقلاب على السلطة الحالية ممثلة في المجلس السيادي ولكن بشكل يختلف عن الانقلاب الذي قام به في عام 1989 فقد اقتصر دورهم على إشعال فتيل الحرب وتهيئة أجواء استمرارها نظرا لأنهم غالبا ما يعملون من خلال لافتة تضم كل التيارات والتنظيمات الإسلاموية .
ودائما ما تسعى جماعة الإخوان للاستفادة من زخم وجود تلك التنظيمات والتيارات حتى يعطيها ذلك قوة لتحقيق امشروعها للوصول للسلطة والاحتفاظ بها وعلى الرغم من استهلاك الجماعة في السودان المراحل الثلاثة التي مر بها التنظيم غير أنها تحاول أن تعيد إنتاج نفسها مرة ثانية .
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق