بدأت تطبيقات الإسلام السياسي لنظام الإخوان المسلمين حلقتها السرطانية الأخيرة على النحو الذي نراه اليوم في حرب هي الثمرة المسمومة لتخريب الجيش الوطني على مدى 30 عاماً، ليبدو صراع الجيش والدعم السريع الذي يتطور اليوم بوتيرة متسارعة معركة تكسير عظام لا نجاة منها .
فالخراب الذي ضرب بنية الجيش السوداني جراء الرؤية الانقسامية المفسدة في أيديولوجيا الإسلام السياسي وصلت تداعياته حدها الأقصى من انفجار التناقضات إذ فجأة تكشفت خطورة الأدلجة والتسييس والانقسام الذي أحدثه الإخوان المسلمون خلال 30 عاماً داخل الجيش عن تكوين الجسم (الدعم السريع) الذي كان في حقيقته جسماً عسكرياً موازياً للجيش وكان من الواضح أنه عاجلاً أو آجلاً ستنفجر التناقضات بينهما.
منذ سقوط نظامهم في أبريل 2019 ظل الإخوان في السودان يستخدمون أدوات مختلفة لتهيئة المسرح لعودة حكمهم مجددا ، مستندين إلى شبكة واسعة من مراكز النفوذ المالي والإعلامي التي تمكنوا من بنائها خلال العقود الثلاثة الماضية.
ومنذ ظهور تنظيم الإخوان في السودان في 1949 غير التنظيم مسمياته عدة مرات فمن حركة التحرير الإسلامي إلى تنظيم الإخوان ثم جبهة الميثاق ثم الجبهة الإسلامية وأخيرا المؤتمر الوطني الذي تفرع منه المؤتمر الشعبي في تسعينيات القرن الماضي .
وظهر التنظيم في البداية في شكل شبكات صغيرة ومحدودة لكن سرعان ما وسّع قاعدته وتمكن من بناء شبكات له داخل الأجهزة الأمنية من أجل تحقيق طموحاته في الوصول إلى الحكم ، وبالفعل استخدم تلك الشبكات في تنفيذ أول محاولة انقلابية في العام 1959، أي بعد 3 سنوات من استقلال البلاد من الحكم الإنجليزي في 1956.
واستمرت تلك المحاولات الفاشلة حتى العام 1989 عندما نفذ الإخوان بنجاح انقلاب بقيادة عمر البشير الذي حكم البلاد 30 عاما ، وينظر العديد من السودانيين إلى الخطوة الأخيرة على أنها محاولة لتغيير "جلد" التنظيم، من أجل الحصول على قبول في الشارع الذي طالب خلال العامين الماضيين بتصنيفه كتنظيم "إرهابي".
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق