يعاني أكثر من مليون شخص في قطاع غزة أي حوالي نصف سكان القطاع من ظروف تشبه المجاعة، وفقًا لتقديرات جديدة لخبراء انعدام الأمن الغذائي الذين وجدوا أدلة على انتشار المجاعة على نطاق واسع وزيادة حادة في وفيات الأطفال في الحرب.
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، فقد تضاعف عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات كارثية من الجوع في غزة اعتبارًا من شهر ديسمبر، مع استيفاء الجزء الشمالي من القطاع بالفعل لبعض معايير المجاعة الكاملة، وفقًا لتقديرات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي IPC، وهي مبادرة تجمع خبراء من الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة ومجموعات البحث.
وقال تقرير اللجنة الدولية للأمن الغذائي، إن المجاعة في شمال غزة - التي كانت تشكل خطرًا في السابق - أصبحت الآن وشيكة ومن المتوقع أن تحدث من الآن وحتى نهاية شهر مايو.
وتابعت الصحيفة، أنه سواء من حيث الأعداد المطلقة أو نصيب الفرد، تشهد غزة حاليًا أزمة الجوع الأكثر حدة في أي مكان في العالم، وفقًا للتصنيف الدولي للبراءات.
ويقول خبراء انعدام الأمن الغذائي: إن السرعة والحجم الذي تدهور به الوضع هناك ليس له سابقة حديثة، وفي شمال غزة، يعاني حوالي 30% من الأطفال دون سن الثانية من سوء التغذية الحاد، وفقًا لتقرير التصنيف الدولي للبراءات، مقارنة بـ 0.8% قبل الحرب.
وأضافت: أن الأرقام -التي صدرت يوم الإثنين- تمثل التقييم الأكثر خطورة لأزمة الجوع الشديدة في غزة حتى الآن، وهو سيناريو يضاعف الخسائر البشرية للحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف وأدت إلى دعوات، بما في ذلك من الولايات المتحدة، للوقف الفوري - إطلاق النار لأسباب إنسانية.
ويحذر تقرير IPC من أن الظروف من المرجح أن تتفاقم دون اتخاذ إجراءات فورية، وفي المقام الأول وقف إطلاق النار للسماح بدخول طوفان من المساعدات إلى القطاع، وبدأت يوم الاثنين جولة جديدة حاسمة من المحادثات بوساطة مسؤولين أمريكيين وعرب لوقف القتال في غزة وإطلاق سراح الرهائن وإيصال المزيد من المساعدات إلى القطاع.
وقالت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، التي ساهمت في تقرير التصنيف المتكامل للبراءات: "الناس في غزة يتضورون جوعًا حتى الموت الآن، إن السرعة التي انتشرت بها أزمة الجوع وسوء التغذية التي هي من صنع الإنسان في غزة أمر مرعب، ولم يتبق سوى نافذة صغيرة للغاية لمنع حدوث مجاعة كاملة، وللقيام بذلك نحتاج إلى الوصول الفوري والكامل إلى الشمال، إذا انتظرنا حتى يتم إعلان المجاعة، فقد فات الأوان، وسيموت آلاف آخرين".
ويعتبر الوضع محفوفًا بالمخاطر بشكل خاص في الجزء الشمالي من غزة، الذي انقطع إلى حد كبير عن وصول المساعدات والسلع التجارية منذ بدء الحرب قبل أكثر من خمسة أشهر. وتوفي ما لا يقل عن 27 شخصًا، معظمهم من الأطفال، بسبب سوء التغذية والجفاف في الأسابيع الأخيرة، وفقًا للسلطات الصحية الفلسطينية.
وبحسب الصحيفة، فقد أدت القيود الإسرائيلية بالإضافة إلى الفوضى والقتال العنيف إلى إعاقة قوافل المواد الغذائية المتجهة إلى شمال القطاع، حيث لا يزال يعيش حوالي 300 ألف شخص، وفر الجزء الأكبر من السكان إلى الجنوب في الأسابيع والأشهر الأولى من الحرب.
وتقول إسرائيل: إنها لا تضع أي قيود على كمية المساعدات، ضمن الفئات المسموح بها، التي تدخل غزة، وسمحت مؤخرًا بدخول المساعدات من أراضيها عبر نقطة دخول مباشرة إلى شمال غزة لأول مرة، وتلقي إسرائيل باللوم على الأمم المتحدة لفشلها في بذل المزيد من الجهود لتوزيع المساعدات بشكل فعال.
وأكدت الصحيفة، أن القيود الإسرائيلية دفعت العائلات في غزة لاستخدام استراتيجية غريبة للبقاء على قيد الحياة، مثل تخطي وجبات الطعام، أو خلط الدقيق مع علف الحيوانات لصنع الخبز، أو استهلاك الأطعمة البرية أو منتهية الصلاحية، ويقول السكان المحليون إن الآباء يمضون أيامًا كاملة دون تناول الطعام لتوفير ما لديهم من القليل لأطفالهم.
وتشكل المساعدات التي تصل إلى غزة عن طريق البر الحصة الأكبر من المواد الغذائية والإمدادات الأخرى التي تدخل القطاع، وللمساعدة في تخفيف الأزمة الغذائية، قامت الولايات المتحدة والدول الأوروبية والعربية مؤخراً بتكثيف عمليات إسقاط المساعدات الإنسانية جواً على غزة.
وصلت أول شحنة من المساعدات إلى غزة عن طريق البحر يوم الجمعة على متن بارجة تحمل حوالي 200 طن من المواد الغذائية نظمتها جمعية المطبخ المركزي العالمي الخيرية، ولم تنجح هذه الجهود إلا بالكاد في حل أزمة الجوع في الشمال ، وتخطط الولايات المتحدة أيضًا لإرسال المساعدات عن طريق البحر من خلال بناء رصيف بحري على ساحل غزة، وهي عملية ستستغرق ما يصل إلى شهرين.