كشفت دراسة عن مركز "تريندز للبحوث والاستشارات" بعنوان "الانشقاقات داخل جماعة الإخوان المسلمين" أن جماعة الإخوان منذ تأسيسها حتى نهاية حكم الرئيس الراحل عبد الناصر عام 1970 شهدت عدداً من الانشقاقات المهمة وهو ما يمكن ملاحظته من خلال اقتراب تاريخي ومؤسساتي.
وتدور مواضيع الانشقاقات حول مجموعة من المحددات التي تحكم مدى الانشقاق وطبيعته داخل الحركات الاجتماعية الكبرى، ومن هذه العوامل المحددة يمكن التعرف على مدى مركزية التنظيم وتأثير القائد الكاريزماتي ومدى استخدام العنف داخل التنظيم لا سيما وأن تلك الفترة قد شهدت خلافات وصراعات عميقة داخل الجماعة مثلت البداية لخلافات عميقة ضربت الجماعة في العقود التالية .
ظاهرة الانشقاقات في جماعة الإخوان الإرهابية كشفت عن عدد من المقاربات من بينها مقاربة فجوة الأجيال ومقاربة السوق الدينية ومقاربة تماسك الحركة الاجتماعية ومقاربة تمكين الشباب من مُنطلق أنّ هذه المقاربات سوف تسمح بالتعرف على التغيرات التي طرأت على مسار جماعة الإخوان ودفعت باتجاه خلخلة تماسكها ، فضلاً عن تقصي الأسباب التي دفعت أفراداً ومجموعات إلى الانسحاب منها والكشف عن الطبيعة الإقصائية لجماعة الإخوان وغياب هياكلها التشاركية في ظل ثقافة الطاعة العمياء.
وخلال عهد الرئيس محمد أنور السادات لم تشهد جماعة الإخوان المسلمين أيّ انشقاقات تنظيمية صغيرة كانت أو كبيرة بل إنّ الجماعة شهدت في تلك الفترة انتشاراً كبيراً في المجتمع ونمواً ملحوظاً في هيكلها التنظيمي بعد أن انضمت إليها مجموعات كبيرة من شباب التيار الإسلامي داخل الجامعات المصرية.
وقد أسهمت عوامل عدة في عدم تعرض الإخوان لأيّ انشقاقات خلال تلك المرحلة التاريخية أوّلها رغبة الرئيس السادات نفسه في التصالح مع الجماعة وثانيها انشغال الجماعة بإعادة البناء التنظيمي ، بالإضافة إلى نجاح المرشد الثالث عمر التلمساني في إدارة الخلافات داخل الجماعة وفق الكتاب .
ويري خبراء فى جماعات الإسلام السياسي إن جماعة الإخوان منذ 2013 تعرضت لأقوى انشقاق في تاريخ الجماعة ، مشيرين إلى أن هذه الجماعة تنتهي من داخلها وستفتت من داخلها ولن يكون لها تواجد بعد ذلك ، وأوضحوا أن جماعة الإخوان تعانى من خلافات بسب بانتشار الاختلاسات المالية حيث تصل مليارات إلى الجماعة وتقوم قيادات الجماعة بأخذها والصرف على نفسها وشراء الفيلات والسيارات لأنفسهم بينما يتركون شبابهم الهاربين خارج مصر يعانون في الخارج .
وأضافت تحليلات الخبراء أنّ الانشقاقات التي شهدتها الجماعة منذ 25 يناير 2011 حتى الوقت الحاضر تعَد هي الأكبر والأخطر بالنظر إلى كونها اتخذت الطابع الجماعي الذي سرعان ما تحول إلى صراع على قيادة الجماعة ثم تفاقمت حدته بسبب اختفاء معظم القيادات التاريخية الفاعلة داخل السجون المصرية والتي كانت قادرة على حسم الصراعات وتحجيم النفوذ الداخلي ,
وقد أدت تلك الإنقسامات إلي إصابة الجماعة بحالة من السيولة التنظيمية وأصبح من الصعب معها السيطرة على الانشقاقات والانقسامات الأمر الذي أدي وجود قيادتين على رأس الهرم التنظيمي لجماعة الإخوان لأول مرة في تاريخها بعد اشتعال الصراع بين "إبراهيم منير"، و"محمود حسين"، واتهام كلّ طرف للآخر بالفساد المالي والإداري.
وأشارت التحليلات أن الانشقاقات لم تقتصر على جماعة الإخوان المسلمين الأم في مصر بل تعدتها إلى عدد من فروعها البارزة في المنطقة العربية وهو ما يعود إلى الارتباط القوي بين الجماعة الأم وفروعها في المنطقة وقد يُعزى ذلك إلى التقارب الجغرافي والموروثات الثقافية المشتركة ، إضافة إلى الارتدادات السياسية المباشرة بين دول المنطقة، أو ما يمكن أن يُطلق عليه "العدوى السياسية" .
ويعني ذلك وفقا للخبراء أن ما يحدث في دولة من الدول العربية من تطورات بأشكال مختلفة سرعان ما تنتقل تداعياته إلى الدول الأخرى بما فيها الأزمات التي تصيب التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وهو ما جعل فروع الجماعة في بعض الدول مثل الأردن وليبيا وتونس والمغرب وموريتانيا وفلسطين تشهد انشقاقات وانقسامات تتشابه كثيراً مع تلك التي ضربت الجماعة الأم في مصر .