بات من الواضح في تونس اليوم أن حركة النهضة باعتبارها ممثلة الإسلام السياسي الإخواني قد تراجعت مكانتها وتقلص حضورها وفقدت قدرتها التأثيرية والاستقطابية في المجتمع إضافة إلى استبعادها سياسياً من كافة أجهزة الدولة .
وتشهد حركة النهضة الإخوانية في تونس حالة من التخبط والارتباك الشديد بعد الخسارات المتتالية وكانت الضربة الكبرى هي نجاح معركة الدستور الجديد وما تلاها من استعدادات للانتخابات البرلمانية القادمة واستكمال بناء مؤسسات الدولة دون العنصر الإخواني الفاسد .
وأنهى الدستور الجديد من الناحية القانونية قواعد المنظومة التي كانت تهيمن عليها الحركة وبها توجه سياسات الدولة وتفرض سلطانها على مؤسساتها وتتحكم في المشهد السياسي ولم تستطع منذ حدث 25 يوليو 2021 رغم المجهودات التي بذلتها داخلياً وخارجياً أن تحدث اختراقاً يتيح لها العودة إلى المنظومة السابقة أو أن تحول دون المسار السياسي الذي سلكه رئيس الجمهورية .
إلا أنه بعد انتهاء معركة الدستور بالموافقة وإقراره رسميا وبعد فشل محاولات الإخوان الإرهابية لتعطيل مسيرة الاستفتاء من قبل والتشكيك فيه خرجت مجددا حركة "النهضة" التونسية لتصف الدستور الذي أقر في البلاد مؤخرا وصادق عليه الرئيس بأنه "فاقد للشرعية" وبكلمات تؤكد خوف وقلق الجماعة الإرهابية بعد وقوف الشعب التونسي وخروجه في مشهد معبر للموافقة على الدستور أربك كل الحسابات والمخططات الإخوانية أكدت الجماعة أنها لا تعترف بالدستور الجديد لتونس .
ويرى محللون تونسيون إن حركة النهضة انتهت مع بداية دستور جديد للبلاد فلم يصبح لها مكان في العمل السياسي أو المجتمعي مرة أخرى وذلك بالإضافة إلى انتهائها شعبيا ومؤسسيا وخاصة مع حالة التفكك الشديد الذي شهدته الحركة مؤخرا أظهرت جوانب الضعف داخل الحركة الإخوانية .
وأضافت التحليلات أنه من الطبيعي أن تشكك الجماعة في الدستور الجديد لأنه لم يكن دستورا مفصلا كما فعلت الجماعة من قبل من أجل مصالحها وكعادتها كانت تسعى للحفاظ على دستور يعمل ضد الشعب التونسي ومصالحه وإن حركة النهضة الإخوانية ستصدر بيانات متتالية للتحريض ضد الدولة والتشكيك في أي خطوات تتخذها الدولة في الوقت الحالي وخاصة بعد فشل مخططاتهم السابقة .
ويشير واقع الحال إلى أن حركة النهضة في حالة من العزلة السياسية والاجتماعية إضافة إلى ما تواجهه قياداتها وعلى رأسها راشد الغنوشي من قضايا وهو ما قد يثير التساؤلات حول وجودها قانونياً وشرعياً في الساحة السياسية التونسية وقد يتعزز هذا الأمر في ضوء تمسك الحركة الإسلاموية برفضها الدستور الجديد والقواعد القانونية التي ستتولد عنه ولاسيما قانون الأحزاب وقانون الانتخابات .
وفى النهاية يجب ألا تنحصر القطيعة مع التيار الإسلامى في مستوى اتخاذ إجراءات قانونية أو محاسبة قضائية أو تغيير دستور فحسب وإنما تقتضي تغيير العقليات وتثوير الأفكار والقيم من أجل تحصين النشء والأجيال القادمة من الانجذاب إلى الأيديولوجيا الإسلاموية تحت أي صيغة تنظيمية كانت وهو أمر يستدعي رؤية واضحة ثاقبة وإرادة سياسية ومشاركة من النخب الفكرية والثقافية والإعلامية .
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق