لم تتوان تركيا المعزولة في محيطها الإقليمي عن مغازلة مصر ومحاولة استمالتها بعد 7 سنوات من القطيعة والهجوم المتواصل ويجيء إجبار أنقرة لقنوات الإخوان على احترام المواثيق وإيقاف البرامج السياسية دليلا على محاولات للخروج من هذه العزلة .
أمام كل محاولات الاستجداء التركي جاء الرد المصري بطريقة أكثر تحفظاً حيث رد سامح شكري وزير الخارجية أمام البرلمان إن "الارتقاء بمستوى العلاقة بين البلدين يتطلب مراعاة الأطر القانونية والدبلوماسية التي تحكم العلاقات بين الدول على أساس احترام مبدأ السيادة ومقتضيات الأمن القومي العربي".
الحديث عن التغيير فى السياسة الخارجية التركية ليس مقصورا على مصر رغم أن مصر تحتل أولوية فيه ولكن يشمل دولا أخرى منها اليونان وفرنسا والسعودية وإسرائيل وهى دول تدهورت علاقاتها مع تركيا فى السنوات الأخيرة .
ويرى محللون أن تغيير السياسة الخارجية التركية يرجع فى الأساس الى الإحساس العميق بالعزلة الدولية التى تشعر بها تركيا بدءا من رهانها الفاشل على قوى الإسلام السياسى والذى أضر بعلاقاتها بالعديد من الدول العربية ، ثم تطوير شبكة علاقات جديدة بالمنطقة تم استبعاد تركيا منها مثل منتدى الغاز فى شرق المتوسط وتنامى العلاقات بين دول الخليج ودول شرق متوسطية كان أحد مؤشراتها المناورات العسكرية الأخيرة بين السعودية واليونان .
وأضافت التحليلات أن التفسير الثانى للتغير التركى هو وصول جو بايدن للبيت الأبيض ورغبة تركيا فى التكيف مع الإدارة الأمريكية الجديدة والتى توصف بأنها من أكثر الإدارات قربا لليونان الخصم التاريخى لتركيا ، بالإضافة إلى تصريحات بايدن المعادية لأردوغان والتخوف من تصعيد العقوبات التى فرضتها إدارة ترامب على تركيا فى ديسمبر الماضى بسبب استحواذ أنقرة على نظام الدفاع الصاروخى S-400 من روسيا .
أما التفسير الثالث للتغيير وفقا للتحليلات فيتعلق بغاز شرق المتوسط وإدراك تركيا أن منطق القوة والتصعيد العسكرى فى هذه المنطقة لن يحقق أهدافه المرجوة وأن الدبلوماسية هى الطريق الأمثل وخاصة بعد أن بدأ الاتحاد الأوروبى النظر فى معاقبة بعض المسؤولين الأتراك المتورطين فى التنقيب عن النفط فى شرق المتوسط .
التحول الإردوغاني المثير للريبة تجاه مصر إلى محاولة تركيا الخروج من عزلتها التي تسببت فيها سياسات الرئيس إضافة الى الرسائل التي تخرج من تركيا مؤخراً قد تشير الى الاستعداد التركى للمراجعة والتعديل بعد تراكم الخسائر على المستويات كافة وبشكل أضعف الدولة التركية بشكل غير مسبوق .
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق