لم يكن البيان الذي أصدرته حركة النهضة، الذراع السياسية للإخوان في تونس، لمواكبة الأحكام القضائية التي صدرت بحق منفذي عملية اغتيال الشهيد شكري بلعيد، خلال الساعات الأولى من صباح يوم 27 آذار (مارس) الماضي، يهدف فقط إلى التنصل السريع من واقعة الاغتيال، وربط الأحكام القضائية مباشرة بخلية التنفيذ، لكن مشاغلة الرأي العام بذلك، من دون الاعتداد بخطورة التخطيط والتمويل، وتوفير البيئة المناسبة لمثل تلك الجرائم السياسية.
قالت حركة النهضة التونسية: إنّ ما توصلت إليه الأجهزة الأمنية بكل تخصصاتها في قضية اغتيال شكري بلعيد، وما انتهت إليه الدوائر القضائية من تفاصيل؛ "تُعدّ بشكل يقيني أدلة على براءتنا". وذكّرت الحركة في بيانها بأنّها سبق أن طالبت بأن تكون المحاكمة علنية، وأن تنقل مباشرة ليطلع الرأي العام على حيثياتها ومجرياتها. واعتبرت (النهضة) أنّ صدور الأحكام في قضية الاغتيال ينبغي أن ينهي "المتاجرة بدم الشهيد"، وأن يعيد الاعتبار لمن طالته الاتهامات السياسية "الباطلة والقاتلة"، وخاصة رئيس الحركة راشد الغنوشي، وفق نص البيان.
ثمّة تدقيق، وقراءة معمقة في نص البيان، يشير بكثير من اليقين إلى الأهداف السياسية التي حرصت حركة النهضة من خلال البيان أن تتحرك نحو تحقيقها، والعمل على التقاطع مع الرأي العام من جديد عبر مناورة البيان. وتدرك الحركة جيداً أنّ الأحكام صدرت بحق خلية التنفيذ فقط. غير أنّ مسار جلسات أخرى ستشتبك مع وقائع الجهاز السري للحركة، كما أنّ ذلك سيكشف بالحتمية كيف جاء التخطيط والتمويل لتنفيذ تلك الجرائم.
ومع ذلك حرصت حركة (النهضة) على إصدار البيان، ورفع الأكفّ لتبيان طهارة اليد من دم الشهيد شكري بلعيد، رغم كونها تعلم جيداً أنّ مسار الأحكام في تلك اللحظة لن يمسها كون خلية التنفيذ تتبع جماعة (أنصار الشريعة)، بينما سياقات التخطيط والتمويل والمسؤولية السياسية محل بحث وتحرٍّ في سجلات القضاء.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق