على الرغم من نجاح جماعة الإخوان المسلمين فى مصر في تكوين بنية تحتيّة تتمثل في تأسيس قاعدة اقتصادية، وأخرى اجتماعية، إلا أنّها ظلّت محدودة، وتفتقد إلى التنوع وفشلت في كسب ولاء الطبقات الأكثر فقرا .
التنظيم اعتمد على نموذج الاقتصاد الريعي القائم على التجارة والمضاربة والاستثمار في السلع الاستهلاكيّة، وبالتالي ظلّت الجماعة بلا ظهير صناعي قوي؛ حيث اقتصر نشاطها في هذا المجال على الصناعات البسيطة والمحدودة، أما القاعدة الاجتماعيّة، فقد ارتكزت على البرجوزازية الصغيرة والمتوسطة، وتجاهلت في المقابل الطبقة العاملة، ما أفقدها زخماً حقيقياً، بوصف هذه الطبقة، الفاعل الاجتماعي الأكثر تأثيراً، والأكثر قدرة على إنجاز التحولات الجذرية.
وعندما وظّف الإخوان الغطاء الخيري لدعم التمدّد الاجتماعي فقد ظلّ الأمر في دائرة المساومة، وتبادل الخدمات الانتخابيّة، وبالتالي فإنّ الطبقات الفقيرة التي كانت تحصل على دعم الإخوان، دخلت في علاقات تبادليّة انتهازيّة، تفتقد الحد الأدنى لتكوين أُطر اجتماعيّة حاضنة، وعليه كان من السهل انقلاب هؤلاء على الجماعة، في حال حدوث أيّ نقص في هذه الخدمات، وهو ما جعل الجماعة تشعر أنّها تواجه نوعاً من الابتزاز، ممن ظنت يوماً أنّهم حلفاؤها.
وعليه قام البناء الفوقي للجماعة، والمتمثل في مكتب الإرشاد، على قاعدة تحتيّة هشة ومرتبكة، وبالتالي كان وهم ابتلاع الدولة المصريّة أمراً بعيد المنال، في ظل افتقاد الإخوان إلى وجود كوادر حقيقيّة، لديها القدرة على تحقيق هذا النوع من الاختراق للمؤسسات، والذي ظلّ نوعياً ومحدوداً، وفي قطاعات غير فعّالة في الدولة.
هذا الارتباك الحاد أدّى في نهاية الأمر إلى الانقسام والتفكك التنظيمي، وهو مآل طبيعي لتحلل الأجندة السياسيّة، حيث جرت مزايحات حادة لمبادئ التنظيم وأهدافه وأولويات قياداته، وأصبح الصراع يدور حول المال، وحول قيادة هشة لجماعة منقسمة على نفسها، أصبحت نهايتها التاريخيّة مسألة وقت ليس إلّا.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق