عاصفة الانشقاقات التي تعصف بجماعة الإخوان المسلمين الآن ليست المرة الأولى في تاريخها؛ فاللافت أنّها منذ بداية تأسيسها في الإسماعيلية العام 1928 وحتى اليوم، شهدت العديد من الانشقاقات ومغادرة التنظيم سواء بشكل فردي أو جماعي، سواء استقالةً أو إقالةً،
ومن خلال وثائق وأدبيات الإخوان التي ترصد مبررات الخارجين منها أو المبتعدين عنها نكتشف أنّ العامل المشترك والأهم والمتكرر يعود للأسباب الإدارية والتنظيمية: متمثلة في استبداد القيادة بالرأي، وعدم وجود قنوات أو مؤسسات شورية، وشيوع مفاهيم القيادة الفردية، وغياب الشفافية وانعدام الدور الرقابي في الجماعة .
غير أنّ السؤال الأهم الذي يطرح نفسه وبقوة، إذا كانت هذه هي الأسباب التي أدت وتؤدي وستؤدي في المستقبل لمزيد من الخروج والانشقاق، فلماذا تستمر الجماعة وما هي العوامل التي تجعلها تخرج من كل أزمة، وتعيد تنظيم صفوفها ومعاودة التجنيد من جديد .
بالبحث الدقيق في تاريخ الجماعة نكتشف أنّها قامت ببث أفكار صنعت ستاراً تنظيمياً جعل من الصعوبة هدم الإخوان بالانشقاق عنها مثل التمركز حول التنظيم وتصفية المنافسين على القيادة وتهديد المخالفين بعدم الإنفاق عليهم والانحياز إلى الشرعية القيادية ومركزية الأفكار الإسلاموية في الدور الوظيفي وتلوُّن الخطاب الإخواني وامتلاك التمويل وإنشاء كيانات اقتصادية وخلق شبكة مصالح .
الإخوان كجماعة ليست مرشحة للانتهاء؛ فمايزال لها دور في المنطقة لصالح القوى العالمية، وهي التي تبقيها حية إلى أن يحين موعد عودتها، لكنها تتعرض لانتكاسة تنظيمة عقب استنزاف قواها في الصراع على القيادة ومناصب الجماعة.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق