هناك مجموعة من القواسم المشتركة في أداء جماعات الإخوان المسلمين في الدول المغاربية؛ أي في المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا وليبيا، وهي قواسم لا تختلف كثيراً عمّا أصبحت تمرّ به الجماعة في المنطقة العربية، وفي مقدمة هذه القواسم تراجع الشعبية لدى الرأي العام، وكثرة الخلافات أو الصدامات مع النخب، وخاصة النخب السياسية والفكرية
لا يوجد مشروع أداء إخواني في دولة من الدول المغاربية يبعث على التفاؤل، من موريتانيا إلى ليبيا، مروراً بالمغرب والجزائر وتونس، كما تلخص ذلك مثلاً الهزائم الانتخابية التي تعرّض لها إخوان المغرب في أيلول (سبتمبر) 2021، ومؤشرات المتابعات القضائية التي تطال بعض قيادات المشروع في تونس، والأمر نفسه مع حالة التشرذم التنظيمي الذي يُميز أداء إخوان الجزائر، أو حالة التراجع التنظيمي الذي يُميز أداء إخوان موريتانيا.
حالة تأزم إخواني مغاربي تميز أغلب الحركات والأحزاب الإسلامية المحسوبة على المرجعية الإخوانية بالتحديد، بخلاف حالة الحركات السلفية أو الظاهرة الجهادية، التي تبقى أقلية أساساً، إضافة إلى أنّ التيار السلفي يمرّ بمراجعات، بينما الحالة الجهادية غير مقبول بها أساساً من لدن الرأي العام المغاربي، والأحرى من لدن الحكومات والأنظمة.
هناك تياران إسلاميان بارزان في المغرب؛ الأوّل محسوب على المرجعية الإخوانية، ونواته حركة "التوحيد والإصلاح"، وحزب "العدالة والتنمية" وهو يعيش نكسة تنظيمية وأزمة إيديولوجية وتراجعاً كبيراً في الشعبية الانتخابية والثاني جماعة "العدل والإحسان" المحظورة لأنّها لا تعترف بشرعية مؤسسة إمارة المؤمنين في المغرب
هناك ميزة خاصة تهم إخوان الجزائر مقارنة مع أغلب التجارب الإخوانية في المنطقة المغاربية، وعنوانها كثرة الانقسامات والصراعات، إضافة إلى ميزة أخرى نجدها لدى باقي الفروع، وهي تراجع الثقل الحزبي والسياسي.
من نتائج واقع الانشقاق الذي يلازم الخريطة الإخوانية الجزائرية أنّه ينعكس على عدة مجالات حيوية، منها المجال السياسي والحزبي، وهذا ما أكدته نتائج آخر استحقاق تشريعي عرفته الجزائر، والذي جرى في 12 حزيران (يونيو) 2021
يعيش إخوان تونس على إيقاع أزمات تنظيمية من جهة خاصة بالمشروع نفسه، وأزمات خارجية تهم علاقتهم مع مؤسسات الدولة وفي مقدمتها مؤسسة الرئاسة والمؤسسة القضائية، وأزمة ثالثة مع الرأي العام، بحكم الاحتقان السائد في تونس تفاعلاً مع أداء الحركة طيلة (10) أعوام مضت، ممّا جعل صورته اليوم لدى النخبة والعامة سلبية ومغايرة كلياً مع تلك التي كانت سائدة منذ عقد.
أداء إخوان موريتانيا في تراجع سياسي ودعوي على حد سواء، مع حضور في الواجهة الوعظية والمنظمات الأهلية، وهذا وضع يكرس ما يُشبه عزلة المشروع في الساحة الموريتانية، وزاد من ذلك تراجع أداء المشروع في المنطقة المغاربية.
وبالنسبة إلى مراكز نفوذ المشروع فى ليبيا فأنها توجد على الخصوص في مناطق الساحل الغربي كمصراتة والزاوية وخاصة بين العاملين في مجال التجارة، إضافة إلى استقوائهم بأمراء الحرب وعناصر الميليشيات، لكنّ عددهم الحقيقي يبقى متواضعاً، وهم يعلمون أنّهم لن يستطيعوا الفوز في أيّ انتخابات .
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق