بعد عام 2011 زادت الاختلالات السياسية التي شهدتها عدد من الدول العربية من انكشاف دور جماعة الإخوان المسلمين المهدد لاستقرار البلدان العربية وفاقمت الشقوق التي ألمت ببعض البلدان في اندلاع موجة غير مسبوقة من العنف كانت تمول شرعيتها من التراث الذي خلفته الأقطاب الفكرية للجماعة .
على الصعيد الفكري اتسمت الجماعة بانسداد الأفق وكلما أغلق في وجهها باب آثرت استخدام العنف ، وطالما تظاهرت الجماعة بتبني مبادئ عصرية مثل الديمقراطية لكن فهمها لتلك المبادئ والعناوين لم يتجاوز الممارسة إلى تمثل القيم والمضامين الفكرية وبقي محبوساً عند مستوى الانتهازية والقفز على موجات التاريخ وتياراته .
وهو ما وصفه أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج تاون الأميركية "دانيال برومبرج" بالحداثة التكتيكية التي تتيح للأصوليين استخدام البرامج الديمقراطية عند حدود دورها الوصولي وتبني خطاب ازدواجي يستقطب أتباعها المخلصين ويراوغ أشياعها المحتملين لكنها سرعان ما تنقلب على ذلك وتجهر المجتمع باستبدادها الفكري وإقصاء كل نظرائها للاستئثار بسدة البلاد ورقاب العباد .
ويتصف تاريخ جماعة الإخوان المسلمين بسلسلة من مناسبات العنف التي تورطت فيها ابتداء من تكوين البنية الفكرية لنشوء التطرف وانتهاء بالانخراط العملي في عدد من العمليات التي شهدتها المنطقة وشهدت فيها على الدور السلبي لفكر وكوادر الجماعة .
ويرى خبراء فى جماعات الإسلام السياسي أن آيديولوجيا الإخوان أعطت الأرضية الخصبة لنبت الفكر المتطرف وذيوعه في المنطقة العربية والعالم ، كما أن الآليات الحركية والهيكلية التنظيمية التي سارت على أساسها الجماعة كانت تحقن الجماعات المتشددة بالظروف المواتية لاندلاع شراراتها المؤذية.
ويعتبر سيد قطب أحد أبرز كوادر الجماعة وأقطاب كتلتها التنظيرية المسئول عن زرع بذور التطرف في الفضاء العام وتفخيخه بالتأويلات المحتقنة التي حولت دهماء المنضوين تحت الجماعات الآيديولوجية إلى مشاريع جاهزة للتطرف.
ويقول الدكتور يوسف الرميح أستاذ علم الجريمة إن جماعة الإخوان هي أم الجماعات المتطرفة والتكفيرية مثل القاعدة وداعش التي تفرخت عن فكرها المنحرف وتغذت على أدبياتها وشقت عصا الطاعة وخلقت سلطة ظل تنازع الدولة في شرعيتها ومنهجها .
وأضاف أن الإخوان ومن بعدهم بقية الجماعات المتشددة فرضت على أتباعهم الولاء والطاعة لقيادات الجماعة وجعلت من هذا الولاء الأعمى طريقاً للخروج عن الأنظمة المستقرة وفرقة المسلمين وبث المناهج المشبوه ، وأكد أن الفكر المتطرف هو أساس تشكيل وتحريك الجماعات المتناحرة والمهددة للسلم الأهلي وفي المقابل فإن الأمن الفكري يمثل الركيزة الأساسية لأمن وبناء المجتمعات وهو القاعدة المثالية للسلوك السوي .
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق