لا يمكن الحديث عن الرؤى والأهداف المشتركة لتنظيمي الإخوان المسلمين والقاعدة دون التطرق لظروف نشأة تنظيم القاعدة والذي يعد جزءا لا يتجزأ من تنظيم الإخوان بل هو أحد إفرازاته فزعيمه السابق أسامة بن لادن كان منتميا لتنظيم الإخوان .
وكشفت وثائق خاصة بزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن أفرجت عنها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ضمن نحو 470 ألف ملف كانت قد حصلت عليها بعد الغارة التي نفذتها قوات البحرية الأمريكية عام 2011 على مجمع بن لادن في باكستان عن علاقة تنظيم القاعدة وزعيمه السابق بجماعة الإخوان المسلمين .
وأشار أسامة بن لادن في إحدى تلك الوثائق إلى علاقته بجماعة الإخوان المسلمين ومدى تأثره بنهجهم وقال بن لادن في مذكراته الخاصة التي دونها بخط يده أن أول مرة فكر فيها بالجهاد كان خلالها في المرحلة الثانوية ، مؤكدا: "لم يكن ثمة جهة ترشدني كما يفعل الإخوان".
وكان أيمن الظواهري الذي خلف أسامة بن لادن في زعامة تنظيم القاعدة قد أكد في تسجيلات مرئية أن بن لادن كان عضواً في جماعة الإخوان المسلمين وأن تنظيم الإخوان هو الذي أرسله إلى باكستان خلال الغزو السوفياتي في مهمة محددة .
ويمكن قراءة علاقة الإخوان بتنظيم القاعدة من زاويتين إحداهما ترتبط باعتراف زعيمه أيمن الظواهري بأن مؤسس التنظيم بن لادن كان من الإخوان غير أنه انشق عن التنظيم مكونا تنظيم القاعدة والذي يعد ذراعا للحركة الأم التي أنجبت "بن لادن" حسب اعترافات "الظواهري" التي نسبها إلى زعيمه السابق وموجودة على موقع "يوتيوب".
الزاوية الثانية ترتبط بترشيح الإخوان لأيمن الظواهري للسفر إلى أفغانستان ضمن المجموعات الإرهابية المنسوبة للإخوان والتي سافرت إلى هناك ، وقد أثبت "الظواهري" ذلك ضمن كتابه "فرسان تحت راية النبي"، حتى بات الرجل الأول في تنظيم القاعدة بعد رحيل مؤسسه الأول .
وقد خرج "داعش" وغيره من التنظيمات الإرهابية المحلية والإقليمية في منطقتنا العربية وفي أفريقيا وباقي دول العالم من هذه الرحم التى لم تنجب هذه التنظيمات فقط وإنما قامت على رعايتها والاعتناء بها حتى تكون سندا لها وهو ما لاحظناه عند سقوط الإخوان في مصر بعد ثورة شعبية في عام 2013 حيث حاولت هذه التنظيمات حماية التنظيم الأم .
الصلات بين "الإخوان" و"القاعدة" لم تكن صلات تنظيمية على مستوى قيادات "القاعدة" وأتباعها ولكنها كانت فكرية وهي الأخطر وذلك ما يؤكده "الظواهري" في كتابه المشار إليه حيث يقول : "العمليات المسلحة هي انعكاس حقيقي لأفكار سيد قطب زعيم الإخوان وعضو مكتب إرشاده السابق".
ويمكن تأكيد أن "الإخوان" هي من وفرت بيئة العنف التي خرجت منها كل جماعات العنف والتطرف فيما بعد ليس "القاعدة" و"داعش" فقط ، كما يجب تأكيد خطر الفكرة الملهمة للعنف وضرورة العمل على تفكيكها بصورة لا تقل أهمية عن تفكيك التنظيم نفسه بل لا بد أن يسير كل منهما بصورة متوازية ومتوازنة .
"القاعدة" و"داعش" جزء من "الإخوان المسلمين" وتعبير حقيقي عنهم فهم يتفقون في الأهداف والرؤى ويضاف إلى ذلك النشأة ، فنشأة كل منهما ارتبطت بالتنظيم الأم لذلك لا قيمة لأي جهود تواجه كلا التنظيمين بينما تستثني "الإخوان" من هذه المواجهة .
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق