حققت الأزمة الليبية في الأونة الأخيرة برعاية إقليمية ودولية تقدما ملحوظا لتثبيت وقف إطلاق النار إضافة إلى تحقيق اختراق سياسي على عدة أصعدة كان من نتائجها التوافق على الترشح للمناصب السيادية ، لكن استمرار الوجود العسكري التركي في ليبيا أصبح تهديدًا خطيرا لمساعي بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لإعادة الدولة التي مزقتها الحرب إلى حالة من الأمن والاستقرار على أساس حل سياسي .
فعلى مدار خمسة أيام متوالية اتجهت أنظار الليبيين إلى مدينة جنيف السويسرية؛ لمتابعة ما جرى هناك من عملية اقتراع لاختيار أعضاء مجلس رئاسي ثلاثي جديد، ورئيس للحكومة، يناط بهم تجهيز البلاد خلال الأشهر العشرة المقبلة لإجراء الانتخابات العامة والعمل على المصالحة الوطنية وتوحيد المؤسسات المنقسمة .
ويأمل كثيرون من الليبيين في إنجاح المسار السياسي وما يسفر عنه من سلطة تنفيذية جديدة تكون قادرة على إدارة شؤون البلاد وطي صفحة الحرب والقتل والتشريد إلا أنهم يتخوفون من حسابات قوى داخلية وخارجية يرونها تسببت في إشعال جبهات الاقتتال واستغلت عملية خرق حظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة على بلادهم .
التطورات الإيجابية الأخيرة على الساحة السياسية الليبية جاءت نتيجة للجهود المخلصة من قبل ستيفاني ويليامز نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا ، ووفقًا لاتفاقية وقف إطلاق النار التي أشرفت عليها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الموقعة في شهر أكتوبر ، وكان من المفترض أن تغادر ليبيا القوات التركية وميليشيات المرتزقة التابعة لهم قبل تاريخ ٢٣ يناير لكن لم تختر تركيا مغادرة ليبيا في الموعد المحدد .
ورغم كل ما يجري في ملاعب السياسة وما قد يسفر عن نتائج تغير خريطة ليبيا مستقبلاً فما تشهده محاور الاقتتال بالقرب من سرت - الجفرة يبرهن على هشاشة الهدنة بين طرفي الحرب خصوصاً في ظل تقارير تتحدث عن مواصلة تركيا الدفع بالمرتزقة إلى جبهات الاقتتال في مسعى منها لإبقاء الوضع على ما هو عليه في ظل جهود اللجنة العسكرية المشتركة .
بدأ تدخل تركيا في ليبيا أواخر عام ٢٠١٩ كاستجابة دبلوماسية لطلبات من حكومة الوفاق الوطني في طرابلس ولكن سريعاً تحول تدخل تركيا في ليبيا إلى ما يشبه الاحتلال عسكري وأصبح خلوصي أكار هو القائد الفعلي للجيش الذي صنعه على يديه لخدمة حكومة الوفاق الوطنى وأكتسب من خلال ذلك تأثير كبير على صانعي القرار داخل حكومة الوفاق الوطني .
وفي شهر ديسمبر وافق البرلمان التركي على تمديد الوجود العسكري في ليبيا لمدة ١٨ أشهر قادمة وعلى مدار العام الماضي فقط تجاوز عدد العسكريين الأتراك المبعوثين إلى ليبيا أكثر من ثلاثة آلاف ضابط وخبير عسكري مهمتهم قيادة المليشيات التابعة لحكومة الوفاق الوطني والمرتزقة الذين جندتهم تركيا ويصل عددهم إلى أكثر من ١٨ ألف مرتزق أغلبهم سوريين وفقاً لبيانات صادرة عن المرصد السوري لحقوق الإنسان .
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق