قرار الداخلية الفرنسية بحل الحركة التركية اليمينية المتطرفة جاء في سياق تصاعد التوتر بين فرنسا وتركيا وتزامن ذلك مع إظهار بيانات مالية أمس تشير الى أن التضخم في تركيا ارتفع خلال الشهر الماضي إلى 12% ، ووصفت بلومبيرغ أمس الليرة التركية بأنها "أسوأ عملة في العالم" وأشارت إلى أنها واصلت انخفاض قيمتها إلى مستويات أشد تدنياً ، كما أظهرت إحصاءات غرفة إسطنبول التجارية أمس أن أسعار بضائع التجزئة ارتفعت في إسطنبول بنسبة 2.4% خلال أكتوبر الماضي .
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد وجه ألفاظاً مسيئة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على خليفة الغضب الفرنسي من مغامرات أردوغان في مياه شرق المتوسط وتدخلاته في ليبيا وأرمينيا وأذربيجان وسوريا ، وأكدت وكالة الأنباء الفرنسية أمس أن منظمة "الذئاب الرمادية" على صلة وثيقة بأردوغان شخصياً .
نشأت الذئاب الرمادية كامتداد لإحدى الأساطير التركية القديمة المنتشرة في وسط أسيا وتدور حول أنثى الذئب "آسينا" التي قادت الأتراك من وادي أرجينيكون بعد أن ظلوا فيه لأربعة قرون عقب هزيمتهم عسكرياً وتعد هذه الأسطورة الأساس لنشوء القوميتين المنجولية والتركية .
تنظيم الذئاب الرمادية أو الشباب المثالي التي أطلق عليها لاحقاً "فرق الموت" هي منظمة تركية يمينية متطرفة تشكلت في أواخر 1960 وأسسها العقيد السابق بالجيش التركي ألب أرسلان توركش الذي كان أحد مؤسسي الانقلاب عام 1960 ، وتُعد هذه المنظمة الذراع المسلحة غير الرسمية لحزب الحركة القومية الذي يرأسه دولت بهتشالي حليف أردوغان .
وتنشط الذئاب الرمادية التي جرى إعلانها في وقت سابق كمنظمة إرهاب في قطاعات مختلفة من الاقتصاد والتعليم والمراكز الثقافية والرياضية كما تمثل الجامعات والكليات بيئة مهمة لنشاط عناصر المنظمة التى تتألف من الشباب التركي حصراً ، خاصة الطلاب أو المهاجرين النازحين من الريف إلى إسطنبول وأنقرة .
وتتمحور أفكار تلك المنظمة حول العرق والشعب التركي واستعادة أمجاده وتاريخيه والسعي لتوحيد الشعوب التركية في دولة واحدة ، وتمتد حدود دولة الأتراك بحسب الذئاب الرمادية من البلقان إلى آسيا الوسطى مستلهمين ذلك من تاريخ الدولة العثمانية .
ويعد دمج الذئاب بين الهوية التركية والدين الإسلامي في توليفة واحدة هو أكثر ما يهيمن على خطابات المنظمة وأطروحاتها ، كما أن الأكراد يشكلون محور العداء الأساسي للذئاب الرمادية حيث يهتم التنظيم بعدم السماح بتأسيس أي دولة كردية بشتى الوسائل .
ويعتقد محللون بأن ماكرون سيدفع الاتحاد الأوروبي بعد ظهور أي تحسن في الأزمة الوبائية الراهنة إلى اتخاذ قرارات صارمة بحق تركيا ورئيسها حيث تثير نزعات أردوغان لتوسيع نفوذ تركيا في جميع أرجاء العالم قلقاً لدى القوى الغربية خصوصاً الولايات المتحدة .
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق