كشف تحقيق استقصائي تفاعلي لشبكة "سي إن إن" الأميركية عن فظائع التعذيب التي يقوم بها نظام الملالي في إيران في سجونه السرية لسحق معارضيه الذين خرجوا في التظاهرات الأخيرة للاحتجاج على مقتل الشابة مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق المتشددة .
وأشارت "سي إن إن" أن أساليب القمع والتعذيب التي تمارس في هذه الشبكة الغامضة تبدو أكثر ترويعًا من المعاملة القاسية المعتادة التي يمكن أن يتوقعها المحتجون المعتقلون في مواقع الاحتجاز القانونية.
وتواصلت سي إن إن مع الحكومة الإيرانية للتعليق على مزاعم التعذيب وسوء المعاملة في هذه المواقع غير الرسمية لكنها لم تتلق ردا وعلى مدار أربعة أشهر تحدثت سي إن إن إلى 12 ناجيا من التعذيب ستة محامين محليين كان معظمهم في إيران أثناء الانتفاضة وسبع جماعات حقوقية إيرانية ودولية .
لقد أثبتت "سي إن إن" الآن أن الكثير من هذه الانتهاكات قد تم ارتكابها ليس فقط في شبكة القمع الرسمية الإيرانية كالسجون ومراكز الشرطة ولكن أيضًا في شبكة واسعة من السجون السرية غير القانونية أو المواقع السوداء ، ويقول المراقبون إن خوف النظام من الإطاحة به أدى إلى تكتيكات وحشية على نحو تزايد والاختلاف الرئيسي بين هذه الاحتجاجات والسابقة هو حجم الاحتجاجات .
وترى سي ن إن إن النظام الإيراني يمارس التعذيب لسحق انتفاضة شكلت أكبر تهديد محلي للنخبة الدينية منذ عقود وكانت مراكز الاعتقال غير الرسمية التي يديرها في الغالب عملاء الحرس الثوري المخابرات أساسية لجعل التعذيب منهجيًا وتوجد هذه المواقع خارج النظام الرسمي لإيران وتخلو من أي حد أدنى من الإجراءات القانونية الواجبة وتتيح على ما يبدو القسوة غير المقيدة .
ومراكز الاعتقال غير الرسمية ليست ظاهرة جديدة في إيران فقد قامت مجموعات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية ومركز حقوق الإنسان في كردستان بتوثيق الانتهاكات التي ارتكبت في هذه الأماكن لسنوات ومع ذلك يقول محامون ونشطاء إن انتشار المواقع خلال احتجاجات مهسا أميني كان غير مسبوق .
وتمكنت "سي إن إن" من تحديد موقع أكثر من ثلاثين موقع أسود والكثير منها عبارة عن سجون غير معلنة داخل منشآت حكومية مثل قواعد الجيش والحرس الثوري المعروفة للجماعات الحقوقية والمحامين منذ سنوات والبعض الآخر عبارة عن سجون مؤقتة وسرية وفي بعض الأحيان مستودعات أو غرف فارغة في المباني أو حتى أقبية المساجد ظهرت بالقرب من مواقع الاحتجاج خلال انتفاضة مهسا أميني .
وتمكنت شبكة سي إن إن من تحديد ثلاثة من هذه المواقع السوداء في مشهد حيث قالت مصادر إن المتظاهرين تعرضوا للتعذيب الوحشي ، وقتل العشرات من المتظاهرين في مدينة زاهدان في يوم قاتل بشكل خاص في سبتمبر من العام الماضي .
ووفقًا لعشرات الشهادات من الناجين من التعذيب وكذلك الخبراء القانونيين فإن التعذيب الذي تم استخدامه ضد المتظاهرين في هذه المواقع خارج الشبكة كان "غير مسبوق" في خطورته ، وقالت مصادر لـ "سي إن إن" إن قوات الباسيج شبه العسكرية تدير مراكز احتجاز في العديد من المساجد حول مشهد وهي واحدة من مدينتين شيعيتين مقدستين في إيران وتعتبر قاعدة قوة للنخبة الدينية .
ووفقًا لعدة روايات كانت المواقع السرية عادة بمثابة منفذ الاتصال الأول للعديد من المتظاهرين الموقوفين ويتم احتجازهم لساعات قليلة أو لمدة شهر وتراوحت أساليب الاستجواب بين الإساءة اللفظية إلى أشكال التعذيب الجنسي والجسدي المتطرفة وفقًا للشهادات التي جمعتها شبكة سي إن إن ، وفي جميع هذه الحالات لم تعرف عائلات المتظاهرين الموقوفين مكان وجودهم لساعات أو أيام وكان المتظاهرون معصوبي الأعين وأحيانًا يتم دفعهم حول المنطقة في دوائر على ما يبدو لإرباك المعتقلين قبل بدء الاستجواب في المواقع .