في الأفق السياسي المتقلب يبرز السودان كساحة جديدة للتنافس الإقليمي حيث تُظهر التقارير الاستخباراتية الأخيرة محاولات إيران المستمرة لتعزيز نفوذها في قلب أفريقيا ، وتُشير هذه التقارير إلى عرض طهران المغري للخرطوم بإنشاء قاعدة بحرية في البحر الأحمر، مقابل دعم عسكري يشمل طائرات مسيرة متطورة.
ومع ذلك، يُقال: إن الجيش السوداني قد رفض هذا العرض، مما يُعقد اللعبة الجيوسياسية في المنطقة، وتُعد هذه الخطوة من طهران محاولة لتوسيع دائرة تأثيرها، ليس فقط في السودان، ولكن أيضًا على مسارات التجارة البحرية الحيوية والممرات الاستراتيجية المؤدية إلى قناة السويس والمياه الإقليمية لإسرائيل، هذا التطور يُعيد إلى الأذهان الدور الذي تلعبه القوى الإقليمية في تشكيل مستقبل الشرق الأوسط، ويُلقي الضوء على الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر كمنطقة نفوذ مُتنازع عليها.
يقول المحلل السياسى السوداني عادل حمد: إن هناك أدلة واضحة على تعزيز العلاقات الإيرانية - السودانية، مثل تسليم طائرات "مهاجر6" للجيش السوداني، مشككًا في النفي السوداني للتقارير الأمريكية حول رفض إقامة القاعدة البحرية، مُلمحًا إلى وجود خبراء إيرانيين في قاعدة "وادي سيدنا".
وأضاف أن كثير من المصادر المطلعة شككت في مزاعم "وول ستريت جورنال" حول رفض الجيش السوداني للعرض الإيراني، مُشيرة إلى أن المصدر المذكور في التقرير قد يكون مزيفًا.
من جانبه، حذر علم الدين عمر، المحلل السياسي السودانى، من محاولات إيران للسيطرة على البحر الأحمر للتأثير على الملاحة، مشيرًا إلى أن الإسلاميين في بورتسودان، المتحالفين مع إيران، قد يُسهلون هذه السيطرة ، وأشار عمر إلى أن نشر الفكر الشيعي في المجتمع السوداني يُعد جزءًا من استراتيجية إيران للتأثير على الدول الأخرى، وأضاف أن تواجد إيران في البحر الأحمر يُمثل تهديدًا لأمن المنطقة بأسرها؛ مما قد يؤدي إلى تعطيل حركة الملاحة الدولية وزعزعة الاستقرار الإقليمي.
يذكر أن تقرير صادر عن "بلومبيرغ" الأمريكية في يناير الماضي، كشفت عن تورط إيران بشكل مباشر في النزاعات العسكرية داخل السودان، مما يُسهم في تأجيج الصراعات ويُهدد بزعزعة استقرار المنطقة ككل ، وأفاد التقرير بأن إيران قدمت دعمًا للجيش السوداني عبر تزويده بطائرات بدون طيار، في خطوة تُظهر تحيزًا واضحًا للقوات الحكومية في مواجهة قوات الدعم السريع.
ويُنظر إلى هذا التدخل على أنه جزء من استراتيجية أوسع لإيران لتوسيع نطاق نفوذها العسكري والسياسي في أفريقيا، يُعتبر السودان نقطة ارتكاز مهمة في هذه الاستراتيجية، نظرًا لموقعه الجغرافي الاستراتيجي والموارد الطبيعية التي يمتلكها، وتُشير التحليلات إلى أن إيران قد تستخدم السودان كمنصة لتعزيز وجودها في القارة، مما قد يُغير موازين القوى في المنطقة.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق