رغم أنّ جمهورية فرنسا تسير حسب خطوات ثابتة لمواجهة تنظيمات الإرهاب والتطرف وتيارات الإسلام السياسي، في ضوء استراتيجية شاملة تتبعها غالبية دول الاتحاد الأوروبي للحدّ من التأثيرات السلبية الناجمة عن تناميها، إلّا أنّها غفلت بشكل مقصود، أو غير مقصود، عن هيمنة تنظيم الإخوان المسلمين على "منتدى الحوار الإسلامي" الذي تم إطلاقه في شباط (فبراير) 2022، والذي أنشأته الحكومة الفرنسية لمحاربة الإسلاموية وتعزيز الإسلام "المخلص لقيم الجمهورية".
ووفق المركز العربي لدراسات التطرف، فقد نجحت جماعة الإخوان المسلمين في اختراق المنتدى، حتى أصبح ساحة لعب للإسلاميين في البلاد، وفق ما نقل أحد النشطاء الفرنسيين في تصريح نقله المركز ذاته.
ويتكون منتدى الإسلام الفرنسي حالياً من (60) عضواً؛ هم: زعماء دينيون، وممثلو المساجد، وأعضاء الجمعيات الثقافية أو الدينية، ومثقفون عامون، ومحامون ـ يتم تعيينهم من قبل وزارة الداخلية الفرنسية وممثلي الحكومة (المحافظات) على المستويين المحلي والإقليمي.
ووفق المركز العربي، فإنّ من مهام المنتدى المعلنة: تأهيل الأئمة وتوظيفهم، وتعيين وتدريب المرشدين الدينيين في السجون والمستشفيات والجيش، وتطبيق القانون لضمان التزام الجمعيات الإسلامية بمبادئ الجمهورية، وحماية أماكن العبادة الإسلامية. ومن المقرر أن تقوم مجموعات العمل بإعداد كتيبات إرشادية عملية لمساعدة المساجد في فرنسا على الالتزام بالقانون الفرنسي.
ومع ذلك، فإنّ العمل الداخلي للمنتدى محاط بالسرّية، وقد رفضت الحكومة نشر قائمة كاملة بأعضائه، ووصفت عضو مجلس الشيوخ الفرنسي جاكلين أوستاش برينو، من الجمهوريين من يمين الوسط، والتي حاولت دون جدوى الحصول على قائمة كاملة للأعضاء، وصفت المنتدى بأنّه "جمعية غامضة تماماً، تضم العديد من الإخوان المسلمين".
وأشار الصحفي كليمان بيترولت إلى وجود العديد من المديرين التنفيذيين لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، الذي غير اسمه إلى "مسلمي فرنسا" في المنتدى، وهو منظمة بارزة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بجماعة الإخوان المسلمين.
من جهته، حذّر كليمان بيترو، الذي يكتب لصحيفة (لوبوان)، من أنّ "تأثير جماعة الإخوان المسلمين والحكومات الأجنبية لن يختفي مع هذا المنتدى؛ لأنّ الجهات الفاعلة ذاتها تعيد تقديم نفسها في المنتدى".
وقد أسّس منتدى الإسلام الفرنسي بقرار من الرئيس إيمانويل ماكرون، ليحلّ محلّ المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الذي أسّسه وزير الداخلية نيكولا ساركوزي في أيار (مايو) 2003، ليكون المحاور الرئيس للحكومة الفرنسية مع الجالية المسلمة في البلاد. وكان الهدف هو جعل ممارسة الشعائر الإسلامية في فرنسا متوافقة مع قانون العلمانية الصادر عام 1905، والذي فشل في منع زحف الإسلاموية.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق