في ظل تصاعد التوترات والمناوشات اليومية، تتجه أنظار المحللين والمراقبين نحو غرب ليبيا، حيث تلوح في الأفق إمكانية تجدد الاشتباكات بين الميليشيات المتنافسة، العاصمة طرابلس، التي شهدت هدوءًا نسبيًا منذ اتفاق وقف إطلاق النار، تقف الآن على حافة الهاوية، مع تحذيرات من "نقطة اللاعودة" بسبب التحشيد العسكري ودخول أسلحة متطورة إلى ساحة الصراع.
في تطور مثير للقلق، رصدت البعثة العسكرية البحرية الأوروبية "إيريني"، المكلفة بمراقبة حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، سلسلة من التحركات الجوية التي تحمل مؤشرات على توريد أسلحة متقدمة وطائرات مسيرة قادرة على تحقيق تفوق جوي.
هذه الأسلحة، التي يُعتقد أنها تشمل أنظمة دفاع جوي وطائرات بدون طيار مزودة بتكنولوجيا متطورة، قد تغير موازين القوى وتؤدي إلى تصعيد النزاع المسلح في ليبيا.
في السياق ذاته، شهد مطار معيتيقة، الذي يقع في قلب العاصمة طرابلس ويعتبر من النقاط الاستراتيجية الرئيسية في الغرب الليبي، حالة من النشاط غير المعتاد، وتُجرى فيه تدريبات على استخدام أسلحة جديدة، وقد لوحظت تحركات لأفراد ومعدات عسكرية تُنذر بإمكانية استعداد الفصائل المسلحة لمواجهة قادمة.
كما تُسمع أصوات انفجارات بشكل متقطع؛ مما يُشير إلى اختبارات للأسلحة أو تدريبات على القتال، وهو ما يُعزز المخاوف من تجدد الاشتباكات وعودة العنف إلى المنطقة.
هذه التطورات تأتي في وقت تشهد فيه ليبيا حالة من الجمود السياسي والعسكري، مع تعثر عملية السلام وتأجيل الانتخابات، وتُعد هذه الأحداث مؤشرًا على أن الفصائل المسلحة قد تكون في طور الاستعداد لتأمين مواقعها أو حتى شن هجمات جديدة، مما يُهدد بإعادة البلاد إلى دوامة الصراع التي عانت منها لسنوات.
كلوديا غازيني، كبيرة المحللين في مجموعة الأزمات الدولية، تشير إلى أن التحشيد العسكري في طرابلس يهدد بتقويض وقف إطلاق النار، مؤكدة أن الأرتال المسلحة التي تتدفق على العاصمة تنذر بتجدد الصراع، خاصة مع تدخل الأطراف الأجنبية التي تسعى للحفاظ على نفوذها عبر الدعم العسكري.
من جانبه يقول الخبير العسكري الليبي، محمد الترهوني: إن التطورات مقلقة في مشهد التسليح الليبي، حيث يُشير وصول طائرة أوكرانية محملة بأسلحة متنوعة إلى مطار مصراتة، إلى تزايد الاستعدادات العسكرية لدى الميليشيات المحلية.
واضاف أن هذه الأسلحة، التي يُرجح أنها تشمل معدات قتالية متقدمة وربما أنظمة دفاع جوي، تعطي مؤشرات على أن الفصائل المسلحة تستعد لتصعيد محتمل قد يعيد الصراع إلى الواجهة في غرب ليبيا.
وحذر الترهوني، من تداعيات استخدام الطائرات المسيرة في النزاعات المسلحة، مُشيرًا إلى أن هذه التكنولوجيا الحربية قد تُسبب كارثة إذا ما تم استخدامها في مواجهات واسعة النطاق.
الترهوني أشار إلى أن الطائرات المسيرة، بقدرتها على تنفيذ ضربات دقيقة وحمل أسلحة متفجرة، قد تُسفر عن دمار شامل وخسائر بشرية ومادية جسيمة؛ مما يُعقد مسار البحث عن حل سلمي للأزمة الليبية.
ويرى مراقبون، أن المشهد في غرب ليبيا يتجه نحو مفترق طرق حرج، حيث تتسابق الميليشيات لتعزيز ترسانتها العسكرية وسط تحذيرات من انفجار الوضع، الأسئلة تتزايد حول ما إذا كانت البلاد على أعتاب جولة جديدة من الصراع، أم أن هناك فرصة لتجنب العودة إلى دوامة العنف.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق