شهدت الدول العربية ظهور العديد من التنظيمات المسلحة، لعل أقدمها «التنظيم السرى» للإخوان في مصر، وأنشطة الحزب السورى القومى الاجتماعى في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضى واستمرت الظاهرة صعودًا وهبوطًا حتى اتسع نطاقها بعد موجة الانتفاضات العربية في مطلع العقد الثانى من القرن الحالى.
ويمكن القول إن الجماعات المسلحة المرتبطة بعامل الهوية، هي الأكثر انتشارًا في البلاد العربية. ويشمل ذلك، الهوية الدينية كالتنظيمات الجهادية على غرار القاعدة وداعش، والجماعات المرتبطة بهما في عدد من الدول العربية، والهوية المذهبية أو الطائفية كمليشيا الحوثيين في اليمن، وحزب الله والمليشيات المسلحة التابعة للأحزاب السياسية في لبنان، وجيش المهدى والحشد الشعبى وغيرهما من المليشيات المماثلة في العراق، والهوية القبلية والمناطقية كبعض الجماعات في اليمن وليبيا والسودان.
وارتبطت نشأة المليشيات المسلحة بضعف أداء مؤسسات الدولة، وانكشافها وعدم قدرتها على الوفاء بالمهام الرئيسية لها وتوفير الخدمات الأساسية لمواطنيها من توظيف وتعليم وصحة. فعندما تعجز الدولة عن القيام بهذه المهام ويشعر أهالى المناطق المحرومة بالتمييز وعدم العدالة في توزيع الخدمات ثم عدم استجابة الحكومة لمطالبهم من خلال القنوات السياسية السلمية، فإن الظروف تكون مهيأة لنشأة المليشيات المسلحة.
ويرى خبراء أن وجود تنظيمات مسلحة لا تتبع الدولة أيًا كان نوعها أو سبب وجودها يعتبر انتقاصًا من سيادة الدول على إقليمها، ومظهرًا لخلل أو ضعف في بنية هذه الدولة، مما يضعها في قائمة الدول الهشة أو الفاشلة.
وهناك عدد من التسميات لهذه الكيانات، مثل المليشيات والتنظيمات والجماعات المسلحة، أو الفاعلين المسلحين أو العنيفين من غير الدول. وتشير هذه التسميات إلى تنظيم مسلح تتوافر لديه عناصر القيادة والاستمرار، يعمل خارج سلطة الدولة ويستخدم العنف وسيلة لتحقيق أهدافه السياسية والأيديولوجية والاقتصادية.
وعادةً ما تنظم هذه الجماعات نفسها في شكل خلايا أو مجموعات صغيرة العدد، تعتمد على سرعة الحركة وتلجأ إلى أساليب حرب العصابات ويعتصم أفرادها في الجبال والمناطق النائية، إلا في الحالات التي يسيطر فيها التنظيم على جزء من إقليم الدولة، كحالة تنظيم داعش في سوريا والعراق.
وعمومًا، يمكن القول إن الغالبية الساحقة من هذه الجماعات والمليشيات تستند في وجودها واستمرارها إلى دعم خارجى، بالسلاح والتدريب والمال. وباستثناء ذلك، فإنه لا يمكن التعامل معها على أنها كتلة واحدة، إذ تختلف أسباب ظهورها وطبيعة أهدافها وحجم التأييد الاجتماعى لها. وبالطبع، لا يوجد سبب أو عامل واحد يفسر قيام هذه الجماعات، وإنما تتعدد الأسباب ويتقاطع بعضها مع بعض.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق