مثلت انتخابات حكومة الوحدة الجديدة في ليبيا برئاسة عبد الحميد الدبيبة لحظة مفصلية في مسار الحل السياسي الليبي حيث ينتظر أن يكون لها تأثير على مسار أزمة طال انتظار حلها ، وفيما ينتظر الليبيون ظهور هذه الحكومة قريبا تتواصل المخاوف من امكانية فشلها في انهاء الأزمات التي عصفت بالبلاد خلال السنوات الماضية وهو ما سيكون بمثابة انتكاسة كبرى للجهود المبذولة منذ أشهر محليا ودوليا .
وستقود السلطة التنفيذية الجديدة البلاد في محاولة لتوحيد المؤسسات المنقسمة إلى حين إجراء انتخابات وطنية رئاسية وبرلمانية نهاية العام ، لكن الأمر لا يخلو من صعوبات وعراقيل كشف عن بعضها رئيس الوزراء الليبي المكلف عبد الحميد الدبيبة اليوم حين أكد وجود محاولات لعرقلة تشكيل حكومته .
وفي تدوينة له عبر صفحته على موقع "فيسبوك" اتهم الدبيبة بعض الشخصيات التي لم يسمها بأنها تحاول عرقلة تشكيل الحكومة ، لكنه قال :" نطمئن كل الليبيين بأننا مستمرون في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية من أجل إنقاذ المواطن وإنقاذ ما تبقى من الوطن " .
وبعد خسارته في الوصول لرئاسة الحكومة الجديدة وفشل قائمة فرقاء الحرب " باشاغا – عقيلة صالح " في التصويت داخل ملتقى الحوار السياسي ، يسعى وزير الداخلية المفوض بحكومة الوفاق فتحي باشاغا بشتى الطرق لسحب البساط من السلطة الجديدة بقيادة محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي وعبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الجديدة بعد فوزهما بالتقارب مع الشرق الليبي وتشكيل حلف مع عقيلة لعرقلة الحكومة الجديدة .
وأكد المحلل السياسي الليبي رضوان الفيتوري أن حلف ” باشاغا – عقيلة صالح ” لن يألوا جهدا في إفشال هذه السلطة الجديدة المرتقبة لأنه في حال نجاحها وتتويجها بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية فهذا يعني ببساطة انتهاء المشروع الإخواني على الساحة الليبية .
وقال الفيتوري : " لذا تراهم أشرس ما يكون حاليا لإفشال المجلس الرئاسي والحكومة الجديدين سواء رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري ومن يقف في طابوره أو تركيا التي تقف وراءه لأن تركيا لا تريد استقرار ليبيا لأنها ببساطة محتلة للغرب الليبي، وعينها على النفط والغاز".
في وقت كشف فيه عدد من النواب والسياسيين عن رشاوى عرضتها دولاً وأشخاصاً لصالح التصويت لقائمة عقيلة صالح وفتحي باشاغا في الانتخابات الرئاسية بملتقى الحوار السياسي، بدا مفهوماً لدى الشارع الليبي على نحو كبير السبب وراء عرقلة منح الثقة للحكومة الجديدة وسط اتهامات لرئيس مجلس النواب الحالي عقيلة صالح بأنه من يقف وراء عرقلة منح الثقة للحكومة .
وفي الوقت الذي أعلن فيه مجلس النواب طرابلس عن جاهزيته للقبول بعقد أي جلسة في أي مدينة ليبية لمنح الثقة للحكومة الجديدة بأكثر من 130 نائباً يبقى عقيلة صالح في زاوية الاتهام بالسعي على عرقلة عقد هذه الجلسة .
وكشف العضو السابق بالمؤتمر الوطني العام توفيق الشهيبي أن تسريبات تقرير لجنة الخبراء بالأمم المتحدة ذكرت اسم شخص مرتبط بقائمة (عقيلة صالح – فتحي باشاغا) قام بعرض المال لأجل شراء أصوات لصالح هذه القائمة في تصويت ملتقى الحوار على السلطة التنفيذية الجديدة .
وقال الباحث الليبي بشير الزواوي إن التقرير كشف عن شخص من طرف باشاغا عرض رشوة على أحد المصوتين بقيمة 100 ألف دولار، وفي الجولة الأخيرة عرض مضاعفة المبلغ 3 مرات .
وقال عضو مجلس النواب خالد الأسطى إن دعوة عقيلة صالح لجلسة البرلمان في سرت أو طبرق لا تحظى بقبول الغالبية العظمى من النواب، وأضاف أن عقيلة بهذه الدعوة التي وصفها بالمتناقضة لا يريد عقد الجلسة ولا يريد منح الثقة للحكومة ، معتبراً أن استمرار عقيلة صالح في المشهد السياسي يهدد الاستحقاقات المستقبلية .
تشير هذه التطورات الى الصعوبات الكثيرة التي تواجه الحكومة الليبية الجديدة وخاصة الملف الأمني الذي يعتبر ابرز اسباب الأزمة الليبية ، وبالرغم من أن الأمل يبقى معقوداً على حل سياسي يُنهي النزاع الليبي الذي ظهر بعد سنوات عدة وخسائر جسيمة عدم إمكان حسمه بالسلاح الا أن العديد من المتابعين للشأن الليبي يؤكدون أن نجاح أي حل سياسي يبقى رهين تفكيك المليشيات وانهاء التدخلات الخارجية .
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق