الثلاثاء، 12 يناير 2021

العدالة والتنمية لها الف وجه



مازالت أصداء الاتفاق الذي أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذى تم التوصل إليه بين المغرب والاحتلال الإسرائيلي في النصف الثاني من ديسمبر الماضي تلقي بظلالها على الواقع السياسي المغربي وتحديدًا حزب العدالة والتنمية الذراع السياسى لتنظيم الإخوان المسلمين في المغرب والذي وجد نفسه مضطرا للقبول بالاتفاق الذي وافق عليه الملك بل والسير في إتمام إجراءاته باعتباره الحزب المسؤول عن الحكومة .

وجاء وقوف أعضاء حزب العدالة والتنمية مع الأمين العام للحزب رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني والموافقة على توقعيه التطبيع مع إسرائيل ليطلق الجدل داخل الساحة الإخوانية في المنطقة .

البعض يرى أن توقيع سعد الدين العثماني على اتفاقية التطبيع مع إسرائيل لم يكن مفاجئاً حتى على المستوى الأيديولوجي ، علماً بأن الخطاب الظاهر يقول إن الإسلاميين هم أعداء إسرائيل ويعتبرونها العدو الأكبر في العالم .

الحقيقة ليست كذلك فالإخوان يتعاملون مع إسرائيل بوجهَين وجه في العلن ووجه في الخفاء وكدليل على ذلك نرى نموذجهم الأكبر أردوغان الذي يبارك العلاقات التجارية مع إسرائيل بل إن منسوب العلاقات التجارية في ارتفاع في عهده بشكل كبير وقطر الداعم الأكبر للإخوان المسلمين لها علاقات متميزة مع إسرائيل طيلة السنوات الأخيرة .

حزب العدالة والتنمية على غرار جل الحركات الدينية والعروبية في المنطقة استفاد انتخابياً من قضية فلسطين دون أن يقدم لها في المقابل دعماً محدداً لا من حيث المساهمة المادية ولا في تطوير مسار السلام فيها ودعم استرجاع حقوق الفلسطينيين .

الإهتمام الأكبر للإسلاميين كان في تبني رؤى الحركات الإسلامية الرافضة لاتفاقات السلام مع إسرائيل للاستفادة من العائد الانتخابي ولم يكن في حسبان الحزب الديني القوي في المغرب أن يوضع تحت اختبار مواقف سياسية تجاه فلسطين لم يضعها يوماً في الحسبان .

موقف إخوان المغرب يتنافى مع موقف جماعة الإخوان التي هاجمت اتفاقات التطبيع العربية الحديثة مع إسرائيل واعتبرته تهاونًا وتخليًا عن الأسس المتفق عليها، فموقف الحزب الذي تلخص في "القضية الوطنية أولًا والقضية الفلسطينية دائما" يعيد فتح ملف الدولة الوطنية وموقعها في فهم الإخوان .

كراهية الدولة الوطنية تمثل أهم مرتكزات المشروع الإخواني فقد تربى أعضاء جماعة الإخوان المسلمين على معاداة الدولة باعتبارها دولة جاهلية ولابد من تغييرها بالوسائل كلها ، كما أن الدولة الوطنية لا تشكل لهم أي أهمية قياسا بتحقيق حلم أستاذية العالم لذلك فهم يسعون إلى ما يعتقدون أنه الشكل الشرعي الوحيد للمجتمع في الإسلام بوصفه خلافة عابرة للحدود ، ويشير ذلك إلى المأزق الذي يمر به إخوان المغرب للدرجة التي جعلتهم يخالفون موقف الجماعة وأحد أسس بنائها .

ليست هناك تعليقات:

اضافة تعليق

جميع الحقوق محفوظة © اصدقاء الدمام
تصميم : يعقوب رضا